للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ : «إذا خطَبَ أحَدُكم المَرأةَ فإنِ استَطاعَ أنْ يَنظُرَ إلى ما يَدعوهُ إلى نِكاحِها فلْيَفعلْ، قالَ: فخطَبْتُ جارِيةً فكُنتُ أتَخَبَّأُ لها حتَّى رأيْتُ منها ما دَعاني إلى نِكاحِها وتزوُّجِها، فتزَوَّجتُها» (١)، واكتِفاءً بإذنِ الشَّارعِ، ولأنه إنْ كانَ النَّظرُ مُباحًا لم يَفتقرْ إلى إذنٍ، وإنْ كانَ مَحظورًا لم يُستَبحْ بالإذنِ.

ولأنها إذا عَلِمَتْ رُبَّما تَصنَّعتْ وتَجمَّلتْ بما ليسَ فيها، ففيهِ نَوعُ غرورٍ (٢).

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولا بأسَ بالنَّظرِ إليها بإذنها وغَيرِ إذنِها؛ لأنَّ النبيَّ أمَرَنا بالنَّظرِ وأطلَقَ، وفي حديثِ جابرٍ: «فكُنتُ أتخَبَّأُ لها»، وفي حَديثٍ عنِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ «أنه استَأذنَ أبَوَيها في النَّظرِ إليها فكَرِهاهُ، فأَذِنتْ له المرأةُ» رواهُ سَعيدٌ.

ولا يَجوزُ له الخَلوةُ بها؛ لأنها مُحرَّمةٌ، ولم يَرِدِ الشَّرعُ بغيرِ النَّظرِ، فبَقيَتْ على التَّحريمِ، ولأنهُ لا يُؤمَنُ معَ الخَلوةِ مُواقَعةُ المَحظورِ؛ فإنَّ النبيَّ قالَ: «لا يَخلوَنَّ رَجلٌ بامرأةٍ، فإنَّ ثالثَهُما الشَّيطانُ»، ولا يَنظرُ إليها نظَرَ تَلذُّذٍ وشَهوةٍ، ولا لرِيبةٍ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٠٨٢)، وأحمد (١٤٦٢٦).
(٢) «الحاوي الكبير» (٩/ ٣٥)، و «النجم الوهاج» (٧/ ١٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>