للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ أصحابُنا: ولو رَدَّتْه فللغيرِ خِطبتُها قَطعًا، ولو لم يُوجَدْ إجابةٌ ولا رَدٌّ فقطَعَ بعضُ أصحابِنا بالجَوازِ، وأجَرَى بعضُهم فيهِ القَولينِ المتقدِّمينِ، قالوا: ويجوزُ الهُجومُ على خِطبةِ مَنْ لم يَدْرِ أخُطِبتْ أم لا؟ ومَن لمْ يَدْرِ أُجيبَ خاطِبُها أم رُدَّ؟ لأنَّ الأصلَ الإباحَةُ، وقالَ الحَنابلةُ: إنْ لم يَعلمْ أُجيبَ أم لا فعَلى وجهَينِ (١).

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : وإنْ وقَعَتِ الإجابةُ بالتعريضِ كقَولِها: «لا رَغبةَ عنكَ» فقولانِ عندَ الشَّافعيةِ: الأصَحُّ -وهو قولُ المالِكيةِ والحَنفيةِ- (٢): لا يَحرمُ أيضًا، وإذا لم تَرُدَّ ولم تَقبلْ فيَجوزُ، والحُجةُ فيه قَولُ فاطمةَ: «خطَبَني مُعاويةُ وأبو جَهمٍ فلم يُنكِرِ النبيُّ ذلكَ عَليهما، بل خطَبَها لأسامةَ».

وأشارَ النَّوويُّ وغيرُه إلى أنهُ لا حُجةَ فيهِ؛ لاحتِمالِ أنْ يكونَا خطَبَا معًا، أو لم يَعلمِ الثَّاني بخِطبةِ الأوَّلِ، والنبيُّ أشارَ بأسامةَ ولم يَخطبْ، وعلى تَقديرِ أنْ يكونَ خطَبَ فكأنَّه لمَّا ذكَرَ لها ما في مُعاويةَ وأبي جَهمٍ ظهَرَ منها الرَّغبةُ عنهُما، فخطَبَها لأسامةَ، وحكَى التِّرمذيُّ عنِ الشَّافعيِّ أنَّ معنَى حديثِ البابِ: إذا خطَبَ الرَّجلُ المرأةَ فرَضيَتْ به وركَنَتْ إليهِ فليسَ لأحَدٍ أنْ يَخطبَ على خِطبتِه، فإذا لم يَعلمْ برِضاها ولا رُكونِها فلا بأسَ أنْ يَخطبَها.


(١) «طرح التثريب» (٦/ ٨٠).
(٢) ما حكاهُ عنِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ مُخالِفٌ لأكثرِ العُلماءِ الَّذينَ نقَلُوا عكَسَ هذا عنهُم.

<<  <  ج: ص:  >  >>