للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحُجةُ فيه قِصةِ فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ؛ فإنها لم تُخبِرْه برِضاها بواحِدٍ منهُما، ولو أخبَرتْهُ بذلكَ لم يُشِرْ عليها بغيرِ مَنْ اختارَتْ، فلو لم تُوجَدْ منها إجابةٌ ولا رَدٌّ فقطَعَ بعضُ الشَّافعيةُ بالجَوازِ، ومنهُم مَنْ أجرَى القَولينِ، ونَصَّ الشَّافعيُّ في البِكرِ على أنَّ سُكوتَها رِضًا بالخاطِبِ، وعن بعضِ المالِكيةِ: لا تُمنَعُ الخِطبةُ إلَّا على خِطبةِ مَنْ وقَعَ بينَهُما التَّراضي على الصَّداقِ (١).

أمَّا الحَنفيةُ فلمْ يُوجَدْ عندَهم إلَّا هذا التَّفصيلُ فقطْ، وهو ما قالَه الكاسانِيُّ : إذا خطَبَ رَجلٌ امرأةً وركَنَ قَلبُها إليهِ يُكرَهُ لغيرِه أنْ يَخطبَها؛ لِما رَوَينا، وإنْ لم يَركَنْ فلا بأسَ بهِ (٢).

وقالَ ابنُ نُجيمٍ الحَنفيُّ : الخالِيةُ عن نكاحٍ وعدَّةٍ تَحلُّ خِطبتُها تَصريحًا وتَعريضًا؛ لجَوازِ نكاحِها، لكنْ بشَرطِ أنْ لا يَخطبَها غيرُه قبلَه، فإنْ خطَبَها فعلى ثلاثةِ أَوجهٍ: إمَّا أنْ تُصرِّحَ بالرِّضا فتَحرُمُ، أو بالرَّدِّ فتَحلُّ، أو تَسكُتَ فقَولانِ للعِلماءِ، ولم أَرَ هذا التَّفصيلَ لأصحابِنا، وأصلُه الحَديثُ الصَّحيحُ: «لا يَخطبْ أحَدُكم على خِطبةِ أخيهِ»، وقيَّدوهُ بأنْ لا يأذَنَ له (٣).

وقالَ في «الدُّر المُختار»: وأمَّا الخالِيةُ فتُخطَبُ إذا لم يَخطبْها غيرُه وتَرضَى به، فلو سكَتَتْ فقَولانِ: (تَحرُمُ خِطبتُها) بالكَسرِ وتُضَمُّ.


(١) «فتح الباري» (٩/ ١٩٩، ٢٠٠).
(٢) «بدائع الصنائع» (٥/ ٢٣٢، ٢٣٣).
(٣) «البحر الرائق» (٤/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>