للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : أمَّا إذا عُرِّضَ له بالإجابةِ ولم يُصرَّحْ ففي تَحريمِ الخِطبةِ على خِطبتِه قَولانِ للشَّافعيِّ: أصَحُّهما: لا يَحرُمُ، وقالَ بعضُ المالِكيةِ: لا يَحرمُ حتَّى يَرضَوا بالزِّوجِ ويُسمَّى المَهرِ، واستَدلُّوا لِما ذكَرْناهُ مِنْ أنَّ التَّحريمَ إنما هوَ إذا حصَلَتِ الإجابةُ بحَديثِ فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ، فإنها قالَتْ: «خطَبَني أبو جَهمٍ ومُعاويةَ فلَم يُنكِرِ النبيِّ خِطبةَ بعضِهم على بَعضٍ، بل خطَبَها لأسامَةَ».

وقد يُعتَرضُ على هذا الدَّليلِ فيُقالُ: لعَلَّ الثَّاني لم يَعلمْ بخِطبةِ الأولِ، وأما النبيِّ فأشارَ بأسامةَ، لا أنهُ خطَبَ له (١).

وقالَ الإمامُ زينُ الدِّينِ العِراقيُّ : قالَ الشَّافعيةُ والحَنابلةُ: مَحلُّ التَّحريمِ ما إذا صرَّحَ للخاطِبِ بالإجابةِ، بأنْ يقولَ: «أجَبتُكَ إلى ذلكَ» أو يأذَنَ لوليِّها في أنْ يزوِّجَها إياهُ، وهي مُعتبَرةٌ الإذنِ.

فلو لَم يقَعِ التصريحُ بالإجابةِ لكنْ وُجدَ تَعريضٌ كقَولها: «لا رَغبةَ عنكَ» ففيهِ قَولانِ للشَّافعيِّ وأحمَدَ، قالَ الشَّافعيُّ في القَديمِ: تَحرمُ الخِطبةُ، وقالَ في الجَديدِ: تَجوزُ.

وحكَى والِدِي في «شَرحِ التِّرمذيِّ» عن مالِكٍ وأبي حَنيفةَ تَحريمَ الخِطبةِ عندَ التَّعريضَ أيضًا، وقالَ النَّوويُّ في «شرحِ مُسلمٍ» بعدَ ذكِرْه قولَ الشَّافعيِّ عندَ التَّعريضِ وتصحيحَ التَّحريمِ: واستَدلُّوا لِما ذكَرْناهُ


(١) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ١٩٧، ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>