للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ لمْ يَكنْ قائِفٌ أو كانَ ولكنْ تَحيَّرَ أو نَفاه عنهما أو ألحَقَه بهما انتُظرَ بُلوغُه، وأُمرَ بالانتِسابِ بعدَ بُلوغِه إلى مَنْ يَميلُ طَبعُه الجِبلِّيُّ إليه منهما، فلا يَكفي فيه مُجرَّدُ التَّشهي، فمَن انتسَبَ إليه منهما لحِقَ به؛ لمَا رَوى البَيهقيُّ بسَندٍ صَحيحٍ «أنَّ رَجلَينِ ادَّعيا رَجلًا لا يَدرى أيّهما أَبوه، فقالَ عُمرُ : اتَّبعْ أيَّهما شئْتَ»، ولأنَّ طَبعَ الوَلدِ يَميلُ إلى والِدِه ويَجدُ به ما لا يَجدُه بغيرِه فلا يَكفي انتِسابُه وهو صَبيٌّ -ولو مُميِّزًا-، ويُنفقانِ عليه مدَّة الانتِظارِ، والقَرارُ على مَنْ لحِقَه النَّسبُ، لكن إنما يَرجعُ الآخَرُ إذا أنفَقَ بإِذنِ الحاكِمِ.

وإذا انتسَبَ إلى أَحدِهما وألحَقَه القائِفُ بالآخَرِ قُدمَ القائِفَ؛ لأنَّه حُجةٌ أو حُكمٌ، أو ألحَقَه القائِفُ بأَحدِهما وأقامَ الآخرُ بَينةً قُدمَت؛ لأنَّها حُجةٌ في كلِّ خُصومةٍ، ولو كانا وَلديْنِ فانتسَبَ كلُّ واحدٍ منهما لواحدٍ دامَ الإِشكالُ، فإنْ رجَعَ أَحدُهما إلى الآخرِ قُبلَ قَولُه بعدَ بُلوغِه.

ولو أقاما على نَسبِه بَينتَينِ مُتعارِضتينِ سقَطَتا في الأَظهرِ، وعُرضَ على القائِفِ كما مرَّ؛ إذ لا يُمكنُ العَملُ بالبَينتينِ؛ لاستِحالةِ كَونِ الوَلدِ منهما، ولا يُرجحُ بَينةً بيَدٍ؛ لأنَّ اليَدَ إنما تَدلُّ على المِلكِ لا على النَّسبِ.

والثانِي: لا يَسقطانِ، وتُرجحُ إِحداهما بقَولِ القائِفِ (١).


(١) «البيان» (٨/ ٢٧، ٣١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٢٤٣، ٢٤٥)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٨٣، ٨٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٣٩، ٥٤٠)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٦٨٥، ٦٨٨)، و «الديباج» (٢/ ٥٧٩، ٥٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>