وإنْ لمْ يَكنْ لأَحدِهما بَينةٌ أو كانَت لهما بَينةٌ وتعارَضَتا فإنَّهما تَسقطانِ، ويَكونُ كما لو لمْ يَكنْ هناك بَينةٌ ويُعرضُ على القافَةِ -وهم قَومٌ يَعرفونَ الأَنسابَ بالشَّبهِ، ولا يَختصُّ ذلك بقَبيلةٍ مُعيَّنةٍ، بل مَنْ عُرفَت منه مَعرفةُ ذلك وتكرَّرَت منه الإِصابةُ فهو قائِفٌ- فإنْ ألحَقَته بأَحدِهما أُلحقَ به، وإنْ ألحَقَته بهما لحِقَ بهما عندَ الحَنابِلةِ، وقالَ الشافِعيةُ: يُنتظرُ بُلوغُ اللَّقيطِ، وأُمرَ بالانتِسابِ بعدَ بُلوغِه إلى مَنْ يَميلُ طَبعُه الجِبليُّ إليه منهما.
وإنْ ذكَرَ أَحدُهما عَلامةً في اللَّقيطِ ولمْ يَذكرِ الآخرُ لمْ يُقدمِ الواصِفُ له بذلك عندَ الشافِعيةِ، وتُقدمُ عندَ الحَنابِلةِ والحَنفيةِ، كما تقدَّمَ وستَأتي مُفصَّلةً في المَسألةِ التي تَليها.
قالَ الشافِعيةُ: لو استَلحقَ اللَّقيطَ اثنانِ أَهلانِ للالتِقاطِ، بأنِ ادَّعى كلٌّ منهما نَسبَه منه، فإنْ لمْ يَكنْ لواحدٍ منهما بَينةٌ أو كانَ لكلٍّ منهما بَينةٌ وتعارَضَتا عُرضَ اللَّقيطُ معَ المُدعيَينِ على القائِفِ، فيَلحقُ مَنْ ألحَقَه به؛ لأنَّ في إِلحاقِه أَثرًا في الانتِسابِ عندَ الاشتِباه، فإنْ كانَ لأَحدِهما بَينةٌ قُضيَ بها، فإنَّها تُقدمُ على إِلحاقِ القائِفِ.