للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالِ آمنٌ خشيةَ الضياعِ أو طُرُوِّ الخيانةِ، ولكنْ يَجوزُ الالتِقاطُ في الأصحِّ؛ لأنَّ خِيانتَه لَم تَتحقَّقْ، والأَصلُ عدمُها وعليه الاحتِرازُ.

والثانِي: المَنعُ خشيةَ استِهلاكِها.

وسَواءٌ القولُ بالوُجوبِ أو الاستِحبابِ، فلو ترَكَ الالتِقاطَ حتى تلِفَت العَينُ أثِمَ ولا ضَمانَ عليه، كمَن معه طَعامٌ وآخرُ يَموتُ جوعًا فلَم يُطعمْه حتى ماتَ، وكمَن رَأى مالَ شخصٍ يَغرقُ أو يَحترقُ وقدَرَ على خَلاصِه وجَبَ عليه، فإنْ لَم يَفعلْ حتى تلِفَ أثِمَ ولَم يُضمَنْ.

ويُكرَهُ الالتِقاطُ تَنزيهًا لفاسقٍ؛ لئلا تَدعوه نفسُه إلى الخِيانةِ وكِتمانِها (١).

أمَّا الحَنابِلةُ فقَالوا: الأَفضلُ لِمَنْ أمِنَ نفسَه عليها وقوِيَ على تَعريفِها تركُها وعدمُ التَّعرضِ لها.

قالُوا: مَنْ لا يَأمنُ نفسَه على اللُّقطةِ لا يَجوزُ له أخذُها بِحالٍ؛ لِمَا فيه مِنْ إِضاعتُها على ربِّها فهو كإِتلافِها، وكما لو نَوى تَملُّكَها في الحالِ أو كِتمانَها، فإنْ أخَذَها بنيَّةِ الخِيانةِ ضمَنَها إنْ تلفَتْ ولو تلفَتْ بغيرِ تَفريطٍ؛ لأنَّه أخَذَ مالَ غيرِه على وجهٍ لا يَجوزُ له أخذُه فضمَنَه كالغاصِبِ، ولَم يَملكْها -أي اللُّقطةِ- إذا أخَذَها وهو لا يَأمنُ نفسَه عليها، أو نَوَى تَملُّكَها في الحالِ أو كِتمانَها وإنْ عرَّفَها؛ لأنَّ السببَ المُحرَّمَ لا يُفيدُ المِلكَ، بدَليلِ


(١) «كنز الراغبين» (٣/ ٢٨٣)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٨، ٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٠٤)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٦٠٣)، و «الديباج» (٢/ ٥٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>