للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه ثم تَتلفُ بعدَ ذلك فإنَّه لا ضَمانَ عليه حينَئذٍ لعَدمِ سَببِ الضَّمانِ، والقَولُ قَولُه إنَّه ردَّها سالِمةً إلى مَحلِّها.

وإذا لمْ يَقدرْ على أَمينٍ وخافَ عليها إنْ تُركَت فإنَّه لا ضَمانَ عليه إذا صحِبَها معَه فتلِفَت، ولا فَرقَ في السَّفرِ بينَ سَفرِ النَّقلةِ بالأَهلِ أو سَفرِ التِّجارةِ أو سَفرِ الزِّيارةِ.

جاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى»: قُلت: فلو أنَّ رَجلًا استَودَعني وَديعةً فحضَرَ مَسيرِي إلى بعضِ البُلدانِ فخِفْت عليها فحملْتُها معي فضاعَت أأَضمنُ في قَولِ مالكٍ؟

قالَ: نعم. قُلت: وكيفَ أَصنعُ بها؟ قالَ: تَستودعُها في قَولِ مالكٍ ولا تُعرِّضُها للتَّلفِ (١).

واستَدلُّوا على عَدمِ جَوازِ السَّفرِ بالوَديعةِ بما قالَه القاضِي عبدُ الوَهابِ بأنَّ السَّفرَ لا يَحفظُ الوَديعةَ إذا أودِعَتْ في البَلدِ فضمِنَها كما لو ترَكَها بمَوضعِ خَرابٍ لمْ تَجرِ العادَةُ بأنْ يُحفظَ في مِثلِه، ولأنَّ ربَّها إنما أذِنَ له في حِفظِها في البَلدِ، ولمْ يَأذنْ له في إِخراجِها عنه، كما لو أذِنَ له في حِفظِها تحتَ يدِه ولمْ يَأذنْ له في إِيداعِها لغيرِه، فلما كانَ متى أودَعَها لغيرِه ضمِنَ بتَعدِّيه بخُروجِه في حِفظِها على الوَجهِ المَأذونِ له فيه فكذلك إذا سافَرَ بها.

فإذا أرادَ السَّفرَ فله إِيداعُها عندَ ثِقةٍ مَرضيٍّ مِنْ أَهلِ البَلدِ، ولا ضَمانَ عليه، قدَرَ على الحاكِمِ أو لمْ يَقدرْ عليه، واختَلفَ أَصحابُ الشَّافعيِّ،


(١) «المدونة الكبرى» (١٥/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>