الشُّهودِ الذين أشهَدَهم جائِزةٌ للابنِ كما لو جعَلَها له عندَ رَجلٍ، وهو قَولُ ابنِ الماجِشونِ وأشهَبَ، وبه كانَ أبو عُمرَ أحمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ هاشِمٍ شَيخُنا ﵀ يُفتي، وذكَرَ العُتبيُّ لابنِ القاسِمِ عن مالِكٍ أنَّها لا تَجوزُ إلا أنْ يُخرجَها الأبُ عن يَدِه إلى يَدِ غيرِه يَحوزَها للابنِ، وأنَّه لا يَنفعُه خاتَمُه عليها، وبهذا كانَ يَقضي القاضِي أبو بَكرٍ مُحمدُ بنُ يَبقى بنِ زَربٍ، وهذه المَسألةُ كانَت أحدَ الأَسبابِ التي أوجَبَت التَّباعدَ بينَه وبينَ أبي عُمرَ -رحمهما الله-.
واختَلَفوا في هِبةِ المَشاعِ من الغَنمِ وغيرِها يَهبُها الأبُ لابنِه الصَّغيرِ في حِجرِه، فرُويَ عن مالِكٍ أنَّه جائِزٌ، وبه قالَ ابنُ الماجِشونِ، وقالَ ابنُ القاسِمِ لا يَحوزُ الأبُ لابنِه الصَّغيرِ إلا ما يَهبُه مَبروزًا مَقسومًا، قالَ: وإليه رجَعَ مالِكٌ وبه قالَ مُطرِّفٌ وأصبَغُ.
قالَ أَبو عُمرَ: ظاهِرُ حَديثِ عُثمانَ يَشهدُ لمَا قالَه مالِكٌ وابنُ الماجِشونِ، وهو الأصلُ المُجمَعُ عليه عندَ جُمهورِ العُلماءِ، ولا مُخالِفَ له من الصَّحابةِ.
واختَلَفوا فيمَن يَحوزُ للصَّغيرِ غيرِ أبيه ومَن يَقومُ له في الحيازةِ مَقامَ أبيه فيما يُعطيه، فرَوى يَحيى عن ابنِ القاسِمِ عن مالِكٍ أنَّ الأُمَّ لا تَحوزُ ما يُعطى لابنِها إلا أنْ تَكونَ عليه وَصيةً، قالَ: ولا يَحوزُ للطِّفلِ إلا مَنْ يَجوزُ له إِنكاحُه والمُباراةُ عليه والبَيعُ والشِّراءُ له.
قالَ يَحيى: وسمِعتُ ابنَ وَهبٍ يَقولُ: تَحوزُ الأُمُّ لوَلدِها ما تَهبُ لهم، وكذلك الجَدةُ والأَجدادُ وإنْ لم يَكونوا أَولياءَ عليه.