للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ مالِكٌ وأَصحابُه: إنَّ ما يَسكنُ الأبُ لا تَصحُّ فيه عَطيةٌ لابنِه الصَّغيرِ الذي في حِجرِه حتى يَخرجَ عن ذلك سَنةً ونَحوَها، ثم لا يَضرُّه رُجوعُه إليها وسُكناها ما لم يَمُتِ الأبُ فيها أو يَبلغِ الصَّغيرُ رُشدَه فهو لا يَقبضُها؛ فإنْ ماتَ الأبُ ساكِنًا فيها أو بلَغَ الابنُ رُشدًا فلم يَقبِضْها حتى يَموتَ الأبُ لم تَنفَعْه حيازَتُه لها تلك السَّنةَ، وجعَلوا جَوازَ الهِبةِ للصَّغيرِ مُتعلِّقًا بما يَكونُ من العافيةِ فيها؛ فإنْ سلِمَت في العافيةِ من الرَّهنِ فهي صَحيحةٌ وإنْ لحِقَها رَهنُ جَميعِ ما تقدَّمَ قبلَ ذلك.

وكذلك المَلبوسُ عندَهم إذا لبِسَ الأبُ شَيئًا من الثِّيابِ التي وهَبَها للصَّغيرِ من وَلدِه بطَلَت فيه هِبتُه، وما عدا المَلبوسَ والمَسكونَ يَكفي فيه الإِشهادُ على ما وصَفنا.

وأمَّا سائِرُ الفُقهاءِ؛ فهم على أنَّ الأبَ إذا أشهَدَ وأعلَنَ الشَّهادةَ بما يُعطيه لابنِه في صِحتِه فقد نفَذَ ذلك للابنِ ما كانَ صَغيرًا، وحيازةُ الأبِ له من نَفسِه كحيازَتِه له ما يُعطيه غيرُه لابنِه الناظِرِ له، ولا يَرهنُ عَطيتَه له في صِحتِه إذا كانَ صَغيرًا، ولا سُكناه ولا لِباسَه، كما لا يَضرُّه عندَ مالِكٍ إذا سكَنَ بعدَ السَّنةِ، ولا يُعدُّ ذلك منه رُجوعًا فيما أَعطى، كما لا يَكونُ ذلك رُجوعًا بعدَ السَّنةِ، وما قالَه العُلماءُ من ذلك هو ظاهِرُ فِعلِ عُثمانَ بمَحضرِ الصَّحابةِ من غيرِ نَكيرٍ وباللهِ التَّوفيقُ.

وأمَّا الذَّهبُ والوَرِقُ فقالَ مالِكٌ في مُوطَّئِه ما قد ذكَرناه في صَدرِ هذا البابِ، وظاهِرُه أنَّه إذا عزَلَها بعَينِها في ظَرفٍ وختَمَ عليها بخاتَمِه أو خاتَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>