للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ القاسِمِ: لا تَحوزُ الأُمُّ ما يُوهَبُ لوَلدِها. وقالَ أشهَبُ: تَحوزُ لهم الوَصيةُ بهِبةٍ يَمضي معهم إلى الكِتابِ، ولا يَحوزُ لهم غيرُ ذلك، والوَصيُّ عندَهم يَحوزُ ما يُوهَبُ لليَتيمِ في حِجرِه، وأمَّا الشافِعيُّ فالجَدُّ عندَه يَقومُ مَقامَ الأبِ فيما يَهبُه للأَطفالِ من وَلدِ وَلدِه، يَحوزُ ذلك عليهم إلى أنْ يَبلُغوا مَبلغَ القَبضِ لأنفُسِهم، وأمَّا الكُوفيونَ فذكَرَ الطَّحاويُّ وغيرُه عن أَبي حَنيفةَ وأَصحابِه أنَّ الأُمَّ كالأبِ فيما تَهبُ لابنِها اليَتيمِ في حِجرِها عَبدًا أو مَتاعًا مَعلومًا إذا أشهَدَت على ذلك جازَ ولم تَرجعْ في شَيءٍ منه، وكذلك تَقبِضُ له من كلِّ مَنْ وهَبَ له شَيئًا يَصحُّ قَبضُه، وكذلك الوَصيُّ وكذلك مَنْ قبَضَ لليَتيمِ من الأجنَبيِّينِ ما أُعطي اليَتيمَ.

وذكَرَ الطَّحاويُّ أيضًا عنهم قالَ: وللأبِ أنْ يَقبضَ ما يَهبُ لابنِه الصَّغيرِ مما يَتصدَّقُ به عليهم، وكذلك مَنْ فَوقَه من الآباءِ إذا كانَ هو الذي أمَرَه، وقَبضُه من ذلك لنَفسِه إِشهادُه على ما كانَ منه وإعلانُه به (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : وجُمهورُ فُقهاءِ الأَمصارِ على أنَّ الأبَ يَحوزُ لابنِه الصَّغيرِ الذي في وِلايةِ نَظرِه وللكَبيرِ السَّفيهِ الذي ما وهَبَه كما يَحوزُ لهما ما وهَبَه غيرُه لهما، وأنَّه يَكفي في الحيازةِ له إِشهادُه بالهِبةِ والإِعلانُ بذلك، وذلك كلُّه فيما عَدا الذَّهبَ والفِضةَ وفيما لا يَتعيَّنُ.

والأصلُ في ذلك عندَهم ما رَواه مالِكٌ عن ابنِ شِهابٍ عن سَعيدِ بنِ


(١) «الاستذكار» (٧/ ٣٠٧، ٣١٠)، و «التمهيد» (٧/ ٢٤١، ٢٤٣)، و «البيان والتحصيل» (١٣/ ٣٥٩)، و «شرح الزرقاني» (٤/ ٩٦، ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>