للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَوقوفِ، فلا يَروْن إشهادَ الأبِ في ذلك حيازةً حتى يَخرجَ منها مُدةً أقَلُّها سَنةٌ من المَسكونِ ليَظهرَ فِعلُه ذلك، وإذا ركِبَ ما يُركبُ أو لبِسَ ما يُلبسُ فقد رجَعَ في هِبتِه.

وقد مَضى ما للعُلماءِ في رُجوعِ الأبِ وغيرِه في الهِبةِ والحَمدُ للهِ كَثيرًا.

قالَ مالِكٌ: الأمرُ عندَنا أنَّ من نحَلَ ابنًا له صَغيرًا ذَهبًا أو وَرِقًا ثم هلَكَ وهو يَليه فلا شَيءَ للابنِ من ذلك، إلا أنْ يَكونَ الأبُ عزَلَها بعَينِها أو دفَعَها إلى رَجلٍ وضَعَها لابنِه عندَ ذلك الرَّجلِ؛ فإنْ فعَلَ ذلك فهو جائِزٌ للابنِ (١).

إلى هنا انتَهَت رِوايةُ يَحيى.

وفي رِوايةِ أبي مُصعبٍ وغيرِه قالَ مالِكٌ: وإنْ كانت النِّحلةُ عَبدًا أو وَليدةً أو شَيئًا مَعلومًا مَعروفًا ثم أشهَدَ عليه وأعلَنَ ثم ماتَ الأبُ وهو يَلي ابنَه؛ فإنَّ ذلك جائِزٌ لابنِه.

قالَ أبو عُمرَ: لا أعلَمُ خِلافًا بينَ الفُقهاءِ أهلِ الفَتوى بالأمصارِ وسائِرِ مَنْ تقَدَّمهم من العُلماءِ أنَّ الأبَ يَحوزُ لابنِه الصَّغيرِ ما كانَ في حِجرِه صَغيرًا أو كَبيرًا بالِغًا -أي: إذا كانَ سَفيهًا- كلَّ ما يَهبُ له ويُعطيه ويَتصدَّقُ به عليه من العُروضِ كلِّها والعَقارِ وكلِّ ما عَدا العَينَ، كما يَجوزُ له ما يُعطيه غيرَه وأنَّه يُجزئُه في ذلك الإشهادُ والإعلانُ، وإذا أشهَدَ فقد أعلَنَ إذا فَشا الإِشهادُ وظهَرَ.


(١) «الموطأ» (٢/ ٧٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>