في رَجلٍ أشهَدَ بسَهمٍ من ضَيعتِه وهي مَعروفةٌ لابنِه وليسَ له وَلدٌ غَيرُه، فقالَ: أحَبُّ إلَيَّ أنْ يَقولَ عندَ الإشهادِ: «قد قبَضتُ له». قيلَ له: فإنْ سَها؟ قالَ: إذا كانَ مُفرَزًا رَجوتُ. فقد ذكَرَ أحمدُ أنَّه يَكتَفي بقَولِه:«قد قبَضتُه»، وأنَّه يَرجو أنْ يَكتفيَ مع التَّمييزِ بالإِشهادِ فحَسبُ، وهذا مُوافِقٌ للإِجماعِ المَذكورِ عن سائِرِ العُلماءِ.
وقالَ بعضُ أَصحابِنا: يَكتَفي بأحدِ لَفظَينِ: إمَّا أنْ يَقولَ: «قد قبِلتُه»، وإمَّا أنْ يَقولَ:«قبَضتُه»؛ لأنَّ القَبولَ يُغني عن القَبضِ، وظاهِرُ كَلامِ أحمدَ ما ذكَرناه، ولا فَرقَ بينَ الأَثمانِ وغيرِها فيما ذكَرنا، وبه يَقولُ أَبو حَنيفةَ والشافِعيُّ.
وقالَ مالِكٌ: إنْ وهَبَ له ما يُعرَفُ بعَينِه كالأَثمانِ لم يَجزْ إلا أنْ يَضعَها على يَدِ غيرِه؛ لأنَّ الأبَ قد يُتلِفُ ذلك، ويتلفُ بغيرِ سَببِه، ولا يُمكنُ أنْ يُشهِدَ على شَيءٍ بعَينِه فلا يَنفعُ القَبضُ شيئًا.
ولنا: أنَّ ذلك مما لا تَصحُّ هِبتُه، فإذا وهَبَه لابنِه الصَّغيرِ وقبَضَه له وجَبَ أنْ تَصحَّ كالعُروضِ (١).
قالَ أَبو عُمرَ بنِ عبدِ البَرِّ ﵀ بعدَما ذكَرَ حَديثَ عُثمانَ السابِقَ: على قَضاءِ عُثمانَ في هِبةِ الأبِ لابنِه الصَّغيرِ جَماعةُ الفُقهاءِ بالحِجازِ والعِراقِ، إلا أنَّ أَصحابَنا يُخالِفون سائِرَ الفُقهاءِ في المَسكونِ والمَلبوسِ