للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : ويَجبُ التَّعديلُ في عَطيةِ أَولادِه على حَسبِ ميراثِهم، وهو مَذهبُ أحمدَ مُسلمًا كانَ الوَلدُ أو ذمِّيًا، ولا يَجبُ على المُسلمِ التَّسويةُ بينَ أَولادِ أهلِ الذِّمةِ، ولا يَجبُ التَّسويةُ بينَ سائِرِ الأَقاربِ الذين لا يَرِثونَ كالأَعمامِ والإِخوةِ مع وُجودِ الأبِ، ويَتوجَّهُ في البَنينَ التَّسويةُ كآبائِهم؛ فإنْ فضَلَ حيثُ منَعناه فعليه التَّسويةُ أو الرَّدُّ، ويَنبَغي أنْ يَكونَ على الفَورِ، وإذا سوَّى بينَ أَولادِه في العَطاءِ فليسَ له أنْ يَرجعَ في عَطيةِ بَعضِهم (١).

وقالَ الشافِعيةُ: ويُسنُّ أيضًا أنْ يُسويَ الوَلدُ إذا وهَبَ لوالِدَيه شَيئًا، ويُكرهُ له تَركُ التَّسويةِ -كما مَرَّ- في الأولادِ؛ فإنْ فضَّلَ أحدَهما فالأُمُّ أَولى؛ لخبَرِ: «إنَّ لها ثُلثَيِ البِرِّ». والإِخوةُ ونَحوُهم لا يَجري فيهم هذا الحُكمُ، ولا شَكَّ أنَّ التَّسويةَ بينَهم مَطلوبةٌ، لكنْ دونَ طَلبِها في الأُصولِ والفُروعِ (٢).

وذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَجبُ التَّسويةُ بينَ سائِرِ الأَقاربِ قِياسًا على التَّسويةِ بينَ الأَولادِ، بأنْ يُعطيَهم على قَدرِ مِيراثِهم؛ فإنْ خالَفَ وفعَلَ فعليه أنْ يَرجعَ ويَعمَّهم بالنِّحلةِ؛ لأنَّهم في مَعنى الأَولادِ، فثبَتَ فيهم مِثلُ حُكمِهم، بخِلافِ الزَّوجاتِ والمَوالي فلا يَجبُ التَّعديلُ بينَهم في الهِبةِ (٣).


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤١٦، ٤١٧).
(٢) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٩٤، ٤٩٥)، و «الإقناع» (٢/ ٣٦٩).
(٣) «المغني» (٥/ ٣٨٩)، و «الكافي» (٢/ ٤٦٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٣٧)، و «الإنصاف» (٧/ ١٣٦، ١٣٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٧٣، ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>