للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَولُ النَّبيِّ : «مَنْ وهَبَ هِبةً فلم يُثَبْ فهو أحَقُّ بهِبتِه إلا لذِي رَحمٍ» (١).

ولمَا رَواه مالِكٌ في المُوطأِ عن عُمرَ بنِ الخَطَّابِ قالَ: «مَنْ وهَبَ هِبةً لصِلةِ رَحمٍ أو على وَجهِ صَدقةٍ فإنَّه لا يَرجعُ فيها، ومَن وهَبَ هِبةً يَرى أنَّه إنَّما أرادَ بها الثَّوابَ فهو على هِبتِه يَرجعُ فيها إنْ لم يَرضَ منها» (٢).

قالَ الحَنفيةُ: الهِبةُ بشَرطِ العِوضِ جائِزةٌ للأَحاديثِ السابِقةِ، وهي هِبةٌ ابتِداءً وبَيعٌ انتِهاءً (٣) كما سيَأتي مُوضَّحًا.

وقالَ المالِكيةُ: الهِبةُ بشَرطِ الثَّوابِ -أي: العِوضِ على هِبتِه- جائِزةٌ سَواءٌ عُيِّن الثَّوابُ أو لا، نَحوَ: «وهَبتُك هذا بمِئةٍ، أو على أنْ تُثيبَني»، فتَعيينُ الثَّوابِ غيرُ لازِمٍ قِياسًا على نِكاحِ التَّفويضِ؛ لأنَّه عَقدٌ بلا ذِكرِ مَهرٍ، ولَزمَ الثَّوابُ بتَعيُّنِه -أي: بتَعيينِ قَدرِه ونَوعِه- كانَ التَّعيينُ من المَوهوبِ له أو من الواهِبِ ورَضيَ الآخَرُ به، فإذا قالَ: «وهَبتُ لك هذا على أنْ تُثيبَني


(١) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (١١٨٠٥).
(٢) صَحِيحٌ موقوفًا: رواه مالك في «الموطأ» (١٤٤٠)، ومن طريقه البيهقي في «الكبرى» (١١٨٠٨).
(٣) «المبسوط» (١٢/ ٧٩)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٢٨)، و «الهداية شرح البداية» (٣/ ٢٢٧)، و «الاختيار» (٣/ ٦٢، ٦٣)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٧٤، ٧٥)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٩٨)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٠٨)، و «العناية» (١٢/ ٢٩٦، ٢٩٧)، و «ابن عابدين» (٨/ ٤٦١)، و «الهندية» (٤/ ٣٩٣، ٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>