للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضَمانُها منهم، ولا يَملِكُ بلَفظِ العُمرَى والإِعمارِ عندَ مالِكٍ رَقبةَ شَيءٍ من العَطايا، وإنَّما ذلك عندَه كلَفظِ السُّكنَى والإِسكانِ، سَواءٌ، لا يَملِكُ بذلك إلا المَنافعَ دونَ الرِّقابِ، وهي أَلفاظٌ عندَهم لا يَملِكُ بها الرِّقابَ، وإنَّما يَملِكُ بها المَنافعَ، منها العُمرَى والسُّكنَى والعارِيةُ والإِطراقُ والمِنحةُ والأَحبالُ والإِفقارُ وما كانَ مِثلَها.

قالَ أَبو إِسحاقَ الحَربيُّ: سمِعتُ ابنَ الأَعرابيِّ يَقولُ: لم تَختلِفِ العَربُ في أنَّ هذه الأَسماءَ على مِلكِ أَربابِها، ومَنافعُها لمَن جُعِلت له العُمرَى والرُّقبَى والإِفقارُ والإِحبالُ والعَريةُ والسُّكنَى والإِطراقُ.

وممَّا احتَجَّ به أَصحابُ مالِكٍ فيما ذهَبوا إليه من رَدِّ حَديثِ جابِرٍ هذا، بأنْ قالوا: هو حَديثٌ مَنسوخٌ ولم يَصحَبْه العَملُ.

وقالَ بَعضُهم: لعَلَّ حامِلَه وُهِمَ، ومِثلُ هذا من القَولِ لا يُعترَضُ به الأَحاديثُ الثابِتةُ عندَ أحدٍ من العُلماءِ إلا بأنْ يَتبيَّنَ النَّسخُ بما لا مَدفعَ فيه.

وممَّا احتَجُّوا به أيضًا ما رَواه ابنُ القاسِمِ وغَيرُه عن مالِكٍ قالَ: رَأيتُ مُحمدًا وعَبدَ اللهِ ابنَيْ أبي بَكرِ بنِ مُحمدِ بنِ عَمرِو بنِ حَزمٍ، فسمِعتُ عبدَ اللهِ يُعاتِبُ مُحمدًا -ومُحمدٌ يَومَئذٍ قاضٍ- فيَقولُ له: ما لك لا تَقضي بالحَديثِ الذي جاءَ عن رَسولِ اللهِ في العُمرَى، حَديثِ ابنِ شِهابٍ عن أَبي سَلمةَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ عن جابِرٍ؟ فيَقولُ له مُحمدٌ: يا أَخي، لم أجِدِ الناسَ على هذا، وأَباه الناسُ. فهو يُكلِّمُه ومُحمدٌ يَأباه، قالَ مالِكٌ: ليسَ عليه العَملُ، ولوَدِدتُ أنَّه مُحِيَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>