للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن جابِرٍ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «أمسِكوا عليكم أموالَكم ولا تُفسِدوها فإنَّه مَنْ أعمَرَ عُمرَى فهي للذي أعمَرَها حَيًّا وميِّتًا ولعَقبِه» (١).

وعن جابِرٍ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «مَنْ أعمَرَ عُمرَى فهي له ولعَقبِه يَرثُها مَنْ يَرثُه من عَقبِه» (٢).

فهذه الأَحاديثُ تَدلُّ على أنَّ العُمرَى لا تَرجعُ للمُعمِرِ، وهي للمُعمَرِ له في حَياتِه ولوَرثتِه من بعدِه، وأنَّ الشَّرطَ بالرَّدِّ إليه بعدَ مَوتِ المُعمِرِ له باطِلٌ، لكن لا يُفسِدُ العُمرَى، وهي نَوعٌ من الهِبةِ يُعتبَرُ فيها ما يُعتبَرُ في الهِبةِ ويُبطلِهُا ما يُبطِلُ الهِبةَ، فيَملكُها المُعمَرُ مِلكًا تامًّا رَقبتَها ومَنافعَها، واشتَرَطوا فيها القَبضَ على أُصولِهم في الهِباتِ، قالوا: ومَن أعمَرَ رَجلًا شَيئًا في حَياتِه فهو له حَياتَه، وبعدَ وَفاتِه لوَرثتِه؛ لأنَّه قد ملَكَ رَقبتَها، وشَرطُ المُعطي وذِكرُه العُمرَى والحياةَ باطِلٌ؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ أبطَلَ شَرطَه وجعَلَها بَتلةً -أي عَطيةً ماضيةً غيرَ راجِعةٍ إلى الواهِبِ- للمُعطَى، وسَواءٌ قالَ: «هي مِلكُ حَياتِك وهي لك ولعَقِبِك بعدَك عُمرَى حَياتِهم، أو ما عِشتَ وعاشوا»، كلُّ ذلك باطِلٌ؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ أبطَلَ الشَّرطَ في ذلك، وإذا بطَلَ شَرطُه لنَفسِه في حَياةِ المُعمَرِ فكذلك حَياةُ عَقبِه الشَّرطُ أيضًا باطِلٌ، وكلُّ شَرطٍ أبطَلَه اللهُ أو رَسولُه فهو مَردودٌ؛ لأنَّ في إِنفاذِه تَحليلَ الحَرامِ.


(١) أخرجه مسلم (١٦٢٥).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٥٣)، والنسائي (٣٧٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>