للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَريقِ المُسلمينَ ومَقبرتِهم، وأخَلَّ المُؤلِّفُ بتَقييدِ المَسجدِ بكَونِه للجَماعةِ، وظاهِرُه كانَ المَسجدُ مُتقدِّمًا أو مُتأخِّرًا، واحتَرزَ بقَولِه: كمَسجدٍ مِنْ المِيضأةِ.

(ص): وأُمِروا بجَعلِ ثَمنِه لغيرِه، (ش): يَعني أنَّ العَقارَ الحَبسَ إذا بِيعَ لأجْلِ تَوسِعةِ مَسجدٍ أو طَريقٍ أو مَقبرةٍ كما مَرَّ فإنَّ ثمَنَه يُشترى به عَقارٌ مِثلُه يُجعلُ حَبسًا مَكانَه، وهل يُجبَرُ البائِعُ على البَدلِ أو لا يُجبرُ؟ فيه خِلافٌ، والمَشهورُ عَدمُ الجَبْرِ على جَعلِ الثَّمنِ في غَيرِهِ؛ لأنه لمَّا جازَ لهم البَيعُ اختَلَّ حُكمُ الوَقفيةِ المُتعلِّقةِ به، فقَولُه: «وأُمِروا» أي: المُحبَّسُ عليهم (١).

وقالَ النَّفراويُّ في «الفَواكِه الدَّواني»: وكذا يَجوزُ بَيعُ الوَقفِ لتَوسِعةِ مَسجدِ الجُمعةِ، قالَ خَليلٌ: إلا لتَوسُّعٍ كمَسجدٍ، ويُؤجَّر ويُشتَرى بثَمنِه ما يُجعلُ حَبسًا كالأولِ، ومِثلُ تَوسِعةِ المَسجدِ تَوسِعةُ طَريقِ المُسلِمينَ ومَقبرتِهم، لأنَّ نفْعَ المَسجدِ والمَقبرةِ والطريقِ أكثَرُ مِنْ نَفعِ الوَقفِ، فهو قَريبٌ لغَرضِ الواقفِ، وأيضًا يُستبدلُ بالثَّمنِ خِلافُه، فإنِ امتَنعَ البائِعونَ مِنْ جَعلِ الثمنِ في مِثلِه لا يُقضَى عليهم بذلكَ على المُعتمَدِ، واختِلالُ أمرِ الوَقفِ يُحِلُّ بَيعَه، وهذا غَيرُ مُنافٍ لجَبرهِم على البَيعِ كما قالَه مالكٌ في الدُّورِ التي كانَتْ حَولَ مَسجدِه وهي مُحبَّسةٌ فإنها اشتُرِيتْ وزِيدَتْ فيهِ، وقيَّدْنا بمَسجدِ الجُمعةِ لإخراجِ غَيرِه، فلا يُباعُ الوَقفُ لتَوسِعتِه كما لا يُباعُ لتَوسِعةِ نحوِ المِيضأةِ (٢).


(١) «شرح مختصر خليل» (٧/ ٩٥، ٩٦).
(٢) «الفواكه الدواني» (٢/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>