للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُتونُ على الثاني، فكانَ هو المُعتمَدَ، لكنْ كَلامُ المُتونِ في جَعلِ شيءٍ منه طَريقًا، وأمَّا جَعلُ كلِّ المَسجدِ طَريقًا فالظاهِرُ أنه لا يَجوزُ قَولًا واحِدًا، نعم في «التَّتارْخانِية»: سُئلَ أبو القاسِمِ عن أهلِ مَسجدٍ أرادَ بَعضُهم أنْ يَجعلُوا المَسجدَ رَحبةً والرَّحبةَ مَسجدًا، أو يَتَّخِذوا له بابًا أو يُحوِّلوا بابَه عن مَوضِعِه وأبَى البَعضُ ذلكَ، قالَ: إذا اجتَمعَ أكثَرُهم وأفضَلُهم ليسَ للأقلِّ مَنعُهم. اه

قُلتُ: ورَحبةُ المَسجدِ: ساحَتُه، فهذا إنْ كانَ المُرادُ به جعْلَ بَعضِه رَحبةً فلا إشكالَ فيهِ، وإنْ كانَ المُرادُ جعْلَ كلِّه فليسَ فيهِ إبطالُه مِنْ كُلِّ جِهةٍ؛ لأنَّ المُرادَ تَحويلُه بجَعلِ الرَّحبةِ مَسجدًا بدَلَه، بخِلافِ جَعلِه طَريقًا، تأمَّلْ.

ثمَّ ظاهِرُ ما نقَلْناهُ أنَّ تَقييدَ الشارحِ أولًا بالباني وثانيًا بالإمامِ غَيرُ قَيدٍ؛ نعمْ في «التَّتارخانِية»: وعن مُحمدٍ في مَسجدٍ ضاقَ بأهلِه لا بَأسَ بأنْ يُلحَقَ به مِنْ طَريقِ العامَّةِ إذا كانَ واسِعًا، وقيلَ: يَجبُ أنْ يَكونَ بأمرِ القاضي، وقيلَ: إنَّما يَجوزُ إذا فُتِحَتِ البَلدةُ عُنوةً لا صُلحًا (١).

وقد نَصَّ المالِكيةُ على جَوازِ بَيعِ الوَقفِ وانتِزاعِه ممَّن وُقِفَ عليهِم، سَواءٌ كانَ على مُعيَّنٍ أو جِهةٍ عامَّةٍ، قالوا: لا يَجوزُ بَيعُ الوَقفِ إلا في ثَلاثِ حالاتٍ ولو غيرَ خَرِبٍ:


(١) «ابن عابدين» (٤/ ٣٧٦، ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>