للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهِرٌ في اتِّخاذِ جَميعِ الطريقِ مَسجدًا؛ لإبطالِ حقِّ العامَّةِ مِنْ المُرورِ المُعتادِ لدَوابِّهم وغَيرِها، فلا يُقالُ به إلا بالتَّأويلِ، بأنْ يُرادَ بَعضُ الطريقِ لا كلُّه، فليُتأمَّلْ. اه

وأُجيبَ بأنَّ صُورتَه ما إذا كانَ لمَقصدٍ طَريقانِ واحتاجَ العامَّةُ إلى مَسجدٍ فإنه يَجوزُ جَعلُ أحَدِهم مَسجدًا وليسَ فيه إبطالُ حقِّهِم بالكُلِّيةِ.

قولُه: (لا عَكسُه) يَعني: لا يَجوزُ أنْ يُتَّخذَ المَسجدُ طَريقًا، وفيهِ نَوعُ مُدافَعةٍ لِما تقدَّمَ، إلا بالنَّظرِ للبَعضِ والكلِّ. «شُرنبُلالية».

قلتُ: إنَّ المُصنِّفَ قد تابَعَ صاحِبَ «الدُّرَر» مع أنه في «جامِع الفُصولَيْنِ» نقَلَ أولًا: جعَلَ شيئًا مِنْ المَسجدِ طَريقًا ومِن الطَّريقِ مَسجدًا جازَ، ثمَّ رمَزَ لكِتابٍ آخَرَ: لو جعَلَ الطريقَ مَسجدًا يَجوزُ لا جَعلُ المَسجدِ طَريقًا؛ لأنه لا تَجوزُ الصلاةُ في الطريقِ، فجازَ جَعلُه مَسجدًا، ولا يَجوزُ المُرورُ في المَسجدِ، فلم يَجُزْ جَعلُه طَريقًا. اه

ولا يَخفَى أنَّ المُتبادَرَ أنهما قَولانِ في جَعلِ المَسجدِ طَريقًا بقَرينةِ التَّعليلِ المَذكورِ، ويُؤيِّدُه ما في «التَّتارخانِية» عن فتاوى أبي اللَّيثِ: وإنْ أرادَ أهلُ المَحَلَّةِ أنْ يَجعلوا شيئًا مِنْ المَسجدِ طَريقًا للمُسلمينَ فقدْ قيلَ: ليسَ لهم ذلكَ وأنهُ صَحيحٌ، ثمَّ نُقلَ عن «العَتَّابية» عن «خُوَاهر زادَه» إذا كانَ الطريقُ ضَيِّقًا والمَسجدُ واسِعًا لا يَحتاجونَ إلى بَعضِه تَجوزُ الزيادةُ في الطريقِ مِنْ المَسجدِ؛ لأنَّ كُلَّها للعامَّة. اه

<<  <  ج: ص:  >  >>