للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ النَّفعَ العامَّ كنَفعِ المَسجدِ والمَقبرةِ والطَّريقِ أكثَرُ مِنْ نَفعِ الوَقفِ، فهو قَريبٌ لغَرضِ الواقفِ (١).

قالَ الحَنفيةُ: ولو ضاقَ المَسجدُ وبجَنبِه أرضُ وَقفٍ عليه أو حانوتٌ جازَ أنْ يُؤخذَ ويُدخلَ فيهِ، ولو كانَ مِلكَ رَجلٍ أُخِذَ بالقيمةِ كَرهًا، فلو كانَ طَريقًا للعامةِ أُدخِلَ بَعضُه، بشَرطِ ألَّا يَضُرَّ بالطريقِ، وفي كِتابِ الكَراهِيةِ مِنْ «الخُلاصَة» عن الفَقيهِ أبي جعفرٍ عن هِشامٍ عن مُحمدٍ أنه يَجوزُ أنْ يُجعلَ شيءٌ مِنْ الطَّريقِ مَسجدًا، أو يُجعلَ شيءٌ مِنْ المَسجدِ طَريقًا للعامَّةِ. اه، يَعني إذا احتاجُوا إلى ذلكَ (٢).

وقالَ ابنُ نُجيمٍ الحَنفيُّ : قَولُه: (وإنْ جُعِلَ شيءٌ مِنْ الطريقِ مَسجدًا صَحَّ كعَكسِه) يَعني: إذا بَنى قَومٌ مَسجدًا واحتاجوا إلى مَكانٍ ليَتَّسعَ فأدخَلُوا شيئًا مِنْ الطَّريقِ ليَتَّسعَ المَسجدُ وكانَ ذلكَ لا يَضرُّ بأصحابِ الطَّريقِ جازَ ذلكَ، وكذا إذا ضاقَ المَسجدُ على الناسِ وبجَنبِه أرضٌ لرَجلٍ تُؤخذُ أرضُه بالقيمَةِ كَرهًا؛ لِما رُويَ عن الصَّحابةِ لمَّا ضاقَ المَسجدُ الحَرامُ أخَذُوا أرضَينِ بكُرهٍ مِنْ أصحابِها بالقِيمةِ، وزادوا في المَسجدِ الحَرامِ.

ومعنَى قَولِه: (كعَكسِه): أنه إذا جعَلَ في المَسجدِ مَمرًّا فإنه يَجوزُ؛ لتَعارُفِ أهلِ الأمصارِ في الجَوامعِ، وجازَ لكُلِّ أحَدٍ أنْ يَمُرَّ فيهِ حتى الكافِرُ،


(١) «الفواكه الدواني» (٢/ ١٦٥)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٣٤٩).
(٢) «شرح فتح القدير» (٦/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>