وقالَ ابنُ الهُمامِ ﵀: واعلَمْ أنه يَتفرَّعُ على الخِلافِ بينَ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ فيما إذا استُغنيَ عن المَسجدِ لخَرابِ المَحلَّةِ والقَريةِ وتَفرَّقَ أهلُها ما إذا انهدَمَ الوَقفُ وليسَ له مِنْ الغَلةِ ما يُمكِنُ به عِمارتُه أنه يُبطِلُ الوَقفَ ويَرجعُ النَّقضُ إلى بانيهِ أو وَرثتِه عندَ مُحمدٍ، خِلافًا لأبي يُوسفَ.
وكذا حانوتٌ في سوقٍ احتَرقَ وصارَ بحَيثَ لا يُنتفعُ به ولا يُستأجَرُ بشَيءٍ البَتَّةَ يَخرجُ عن الوَقفيَّةِ.
وكذا في حَوضِ مَحلَّةٍ خَرِبَ وليسَ له ما يُعمرُ به، فهو لوارِثِه، فإنْ لم يُعرَفْ فهو لُقطةٌ.
وكذا الرِّباطُ إذا خَرِبَ يَبطلُ الوَقفُ ويَصيرُ مِيراثًا.
ولو بَنى رَجلٌ على هذه الأرضِ فالبِناءُ للباني وأصلُ الوَقفِ لوَرثةِ الواقفِ عند مُحمدٍ، فقَولُ مَنْ قالَ:«في جِنسِ هذه المسائِلِ نَظرٌ، فليُتأمَّلْ عندَ الفتوَى» غَيرُ واقِعٍ مَوقِعَه.
وفي «الفَتاوى الظَّهيريَّة»: سُئلَ الحُلْوانِيُّ عن أوقافِ المَسجدِ إذا تَعطَّلتْ وتَعذَّرَ استِغلالُها، هل للمُتولِّي بَيعُها ويَشتَري بثَمنِها أُخرَى؟ قالَ: نعم.
ورَوى هِشامٌ عن مُحمدٍ أنه قالَ: إذا صارَ الوَقفُ بحَيثُ لا يَنتفعُ به المَساكينُ فللقاضِي أنْ يَبيعَه ويَشتريَ بثَمنِه غيرَه، وعلى هذا فيَنبغي ألَّا يُفتيَ على قَولِه برُجوعِه إلى مِلكِ الواقفِ ووَرثتِه بمُجَرَّدِ تَعطُّلِه وخَرابِه، بل إذا صارَ بحَيثُ لا يُنتفعُ به يُشتَرى بثَمنِه وَقفٌ آخَرُ يُستغلُّ ولو كانَتْ غَلتُه دونَ غَلةِ الأولِ، وكذا للمُتولِّي أنْ يَبيعَ مِنْ تُرابِ مُسبَّلةٍ إذا كانَ فيهِ مَصلحةٌ.