للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنِ استَنابَ في أيامِ الأعذارِ جازَ له أنْ يَتناولَ رَيعَ الوَقفِ، وأنْ يُطلِقَ لنائِبِه ما أحَبَّ مِنْ ذلكَ الرَّيعِ.

وإنْ كانَ المُطلَقُ له أرزاقًا على وَظيفةٍ مِنْ تَدريسٍ أو غيرِه مِنْ الإمامةِ أو الأذانِ أو الحُكمِ بينَ الناسِ أو الحِسبةِ ولم يَقُمْ بتلكَ الوَظيفةِ لا يَجوزُ له أنْ يَتناوَلَ ذلكَ القَدرَ؛ لأنَّ الإمامَ إنَّما أطلَقَه له مِنْ بيتِ المالِ على وَظيفةٍ، ولم يَقُمْ بها، واستِباحةُ أموالِ بَيتِ المالِ بغيرِ إذنِ الإمامِ لا تَجوزُ، وأخذُ هذا المُطلَقِ بغيرِ هذا الشَّرطِ لم يَأذنْ فيهِ الإمامُ، فلا يَجوزُ له أخذُه، وللإمامِ أنْ يُطلِقَه له بعد اطِّلاعِه على عَدمِ قِيامِه بالوَظيفةِ لمَصلحةٍ أُخرى غيرِ تلكَ الوَظيفةِ، فيَستحقُّه بالإطلاقِ الثَّاني لا بالتَّقديرِ الأولِ، ولو كانَ وَقفًا ولم يَقمْ بشَرطِه لم يَجزْ للإمامِ إطلاقُه لمَن لم يَقمْ بشَرطِ الواقفِ في استِحقاقِهِ (١).

وجاءَ في «فَتح العَليِّ المالِكِ» للشَّيخِ عِليشٍ : (ما قَولُكم) في استِنابةِ المُقرَّرِ في وَظيفةِ إمامةٍ أو أذانٍ أو تَدريسٍ لغَيرِ عُذرٍ؟ هل تُمنَعُ؟ وهل المُرتَّبُ للمُقرَّرِ أو للنائبِ؟

فأجَبتُ بما نَصُّه: الحَمدُ للهِ والصَّلاةُ والسَّلامُ على سَيِّدِنا مُحمدٍ رَسولِ اللهِ، نعم تُمنَعُ استِنابةُ المُقرَّرِ في وَظيفةٍ بلا عُذرٍ اتِّفاقًا، واختُلفَ في المُرتَّبِ: فقالَ القَرافِيُّ: لا يَستحقُّه المُقرِّرُ؛ لعَدمِ قِيامِه بالوَظيفةِ، ولا نائِبُه؛ لعَدمِ تَقريرِه، ومُقتَضى كلامِ المَنوفِيِّ وابنِ رُشدٍ أنه يَستحقُّه كلَّه النائبُ في مُدَّةِ الاستِنابةِ، قالَ في «التَّوضيح»: وكان شَيخُنا يَقولُ: المَساجِدُ


(١) «الفروق» (٢/ ٤٠٦، ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>