يعني: استَنابَ فيها في غيرِ أوقاتِ الأعذارِ، وأمَّا إذا استَنابَ في أيامِ العُذرِ فله تَناولُ رَيعِ الوَقفِ، وأنْ يُطلِقَ لنائبِه ما أحَبَّ مِنْ ذلكَ الرَّيعِ، ونقَلَه القرافِيُّ في الفَرقِ الخامسَ عشَرَ والمِائةِ، واللهُ أعلَمُ (١).
وقالَ القَرافِيُّ ﵀: يَجوزُ أنْ يَجعلَ الإمامُ لمُتَولِّي المَسجدِ أنْ يَستَنيبَ دائمًا ويَكونَ له تلكَ الأرزاقُ، وتلكَ الرِّزقةُ مِنْ الخَراجِ والطِّينِ على النَّظرِ لا على القِيامِ بالوَظيفةِ، وإنْ كانَ ذلكَ لمن تَقدَّمَه على القِيامِ بالوَظيفةِ بسببِ أنَّ الأرزاقَ مَعروفٌ يَتبعُ المَصالحَ، فكَيفَما دارَتْ دارَ معها، ويَتعذَّرُ مثلُ ذلكَ في الأوقافِ مِنْ الحَوانيتِ والدُّورِ وغَيرِها، بسببِ أنَّ الوَقفَ لا يَجوزُ تَغييرُه ولا تَغييرُ شَرطٍ مِنْ شُروطِه.
فإذا وقَفَ الواقفُ على مَنْ يَقومُ بوَظيفةِ الإمامةِ أو الأذانِ أو الخَطابةِ أو التَّدريسِ لا يَجوزُ لأحَدٍ أنْ يَتناولَ مِنْ رَيعِ ذلكَ الوَقفِ شيئًا، إلَّا إذا قامَ بذلكَ الشَّرطِ على مُقتَضى شَرطِ الواقفِ، فإنِ استَنابَ عنه غيرَه في هذه الحالةِ دائِمًا في غيرِ أوقاتِ الأعذارِ لا يَستحِقُّ واحِدٌ منهُما شيئًا مِنْ رَيعِ ذلكَ الوَقفِ، أما النائبُ فلِأنهُ مِنْ شَرطِ استِحقاقِه صِحةُ وِلايتِه، وصِحةُ وِلايتِه مَشروطةٌ بأنْ يكونَ ممَّن له النَّظرُ، وهذا المُستَنيبُ ليسَ له نَظرٌ، إنَّما هو إمامٌ أو مُؤذِّنٌ أو مُدرِّسٌ، فلا تَصحُّ النِّيابةُ الصادِرةُ عنه، وأمَّا المُستَنيبُ فلا يَستحِقُّ شيئًا أيضًا؛ بسببِ أنه لم يَقمْ بشَرطِ الواقفِ.