لغَرضِ الواقفِ واتِّباعًا لشَرطِه وقَطعًا للنِّزاعِ في الشَّعائرِ، فلا يُصلِّي فيه ولا يَعتكِفُ فيهِ غَيرُهم ويَحرمُ عليهم، وما دامَ واحِدٌ مِنهم مَوجودًا فله مَنعُ الغَيرِ منه، إلا أنه يُكرَهُ هذا الشَّرطُ وإنْ كانَ، فإنِ انقَرَضوا صارَ عامًّا.
وفي مُقابِلِ الأصَحِّ: لا يَختصُّ المَسجدُ بهم ولا يُتَّبعُ شَرطُه؛ لأنَّ جعْلَ البُقعةِ مَسجدًا كالتَّحريرِ، فلا مَعنى لاختِصاصِه بجَماعةٍ، وصحَّحَه الإمامُ والغزاليُّ والشَّيخُ؛ لقَولِه تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ [الجن: ١٨]، ولقَولِه ﷺ:«إنَّ المَساجدَ لم تُبْنَ لهذا، إنَّما بُنِيتْ لذِكرِ اللهِ والصَّلاةِ عامَّةً».
فعَلى هذا قالَ المُتَولِّي ﵀: يَفسُدُ الوَقفُ بفَسادِ الشَّرطِ، وقالَ الإمامُ: لا يَفسدُ؛ إذْ لا أثَرَ للشُّروطِ الفاسِدةِ في التَّحريرِ (١).
وقالَ الحَنابلةٌ -وقَولٌ للشافِعيةِ كما تقدَّمَ-: إنْ خصَّصَ الواقفُ المُصلِّينَ في المَسجدِ أو الرِّباطِ أو المَدرسةِ بأهلِ مَذهبٍ لم يَختصَّ بهم؛ لأنَّ إثباتَ المَسجديةِ يَقتضي عدَمَ الاختِصاصِ، فأمَّا إنْ عيَّنَ لإمامتِه أو عيَّنَ لنَظرِه أو الخَطابةِ فيهِ شَخصًا فلا يَصحُّ تَقريرُ غيرِه؛ إعمالًا للشَّرطِ، وإنْ خَصَّصَ الإمامةَ في المَسجدِ أو رباطٍ أو مَدرسةٍ أو الخَطابةِ بمَذهبٍ تَخصَّصتْ به، ما لم يَكنِ المَشروطُ له الإمامةُ في شيءٍ مِنْ أحكامِ الصَّلاةِ
(١) «روضة الطالبين» (٤/ ١٥٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٨٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٦٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٣١)، و «كنز الراغبين مع حاشية قليوبي وعميرة» (٣/ ٢٥٣)، و «الديباج» (٢/ ٥٢٥)، و «الإنصاف» (٧/ ٥٥).