للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو شرَطَ أنَّ مَنْ خرَجَ مِنْ مَذهبِ الإثباتِ إلى غَيرِه خرَجَ، فخرَجَ واحِدٌ ثم عادَ إلى مَذهبِ الإثباتِ لا يَعودُ إلى الوَقفِ؛ لأنَّ مَذهبَ أهلِ الإثباتِ الإسلامُ والقَولُ بشَرائعِ الإسلامِ، فمَن خرَجَ عنه فقدْ ترَكَ الإسلامَ وشَرائعَه، والإثباتُ مِنْ شَرائِعِه، ولو رجَعَ إلى الإثباتِ بعدَما خرَجَ منه لا يَرجعُ إليهِ الوَقفُ، إلا أنْ يَكونَ الواقفُ شرَطَ أنَّ مَنْ رجَعَ إلى الإثباتِ رجَعَ حقُّه، بخِلافِ ما لو وقَفَ على مَنْ يَسكنُ بَغدادَ مِنْ فُقراءِ قَرابتِه فانتَقلَ منها بَعضُهم وسكَنَ الكُوفةَ ثم عادَ إليها وسكَنَ فإنه يَعودُ حقُّه؛ لأنَّ النَّظرَ هاهُنا إلى حالِهم يومَ قِسمةِ غَلةِ الوَقفِ، ألَا تَرى أنه لو وقَفَ على فُقراءِ قَرابتِه وكانَ فيهم فُقراءُ وأغنِياءُ تَكونُ الغَلَّةُ للفُقراءِ، ثُمَّ لو افتَقرَ الأغنياءِ واستَغنى الفُقراءُ تَكونُ الغَلةُ لمَن افتَقرَ دونَ مَنْ استَغنَى، ولو لم يُنظَرْ إلى حالِهم يومَ القِسمةِ لَربَّما لَزمَ دَفعُ الغَلةِ إلى الأغنياءِ دونَ الفُقراءِ، وإنه لا يَجوزُ؛ لكَونِه خِلافَ شَرطِ الواقفِ، ولو كانَ بعضُ قَرابتِه ساكِنًا في الكُوفةِ وقتَ الوَقفِ ثم انتَقلَ وسكَنَ بَغدادَ استَحقَّ مِنْ الغَلةِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: لو شرَطَ الواقِفُ تَخصيصَ مَذهبٍ مِنْ المَذاهبِ الأربَعةِ بصَرفِ غلَّتِه عليه أو بالتَّدريسِ في مَدرستِه فيُتَّبعُ شَرطُه وُجوبًا، ولا يَجوزُ العُدولُ عنهم لغَيرِهم (٢).


(١) «البحر الرائق» (٥/ ٢٦٦)، و «الإسعاف» (١٠٦، ١٠٧)، و «الهندية» (٢/ ٤٠٦، ٤٠٧).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٧٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٧٩)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٩٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>