للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالِ عليهم بلا مَنفعةٍ حصَلَتْ لأحَدٍ، وفي ذلكَ ضَررٌ على المُتناوِلينَ باستِعمالِهم في عَملٍ هُمْ فيهِ مُسخَّرونَ يَعوقُهُم عن مَصالِحِهم الدِّينيةِ والدُّنيويةِ، فلا فائِدةَ تَحصلُ له ولا لهم (١).

وقالَ ابنُ القَيِّمِ : ثُمَّ مِنْ العَجبِ العُجَابِ قَولُ مَنْ يَقولُ: «إنَّ شُروطَ الواقِفِ كنُصوصِ الشَّارعِ»، ونحنُ نَبرأُ إلى اللهِ مِنْ هذا القَولِ، ونَعتذرُ ممَّا جاءَ به قائِلُه، ولا نَعدِلُ بنُصوصِ الشَّارعِ غيرَها أبَدًا، وإنْ أُحسِنَ الظَّنُّ بقائِلِ هذا القَولِ حُمِلَ كَلامُه على أنها كنُصوصِ الشَّارعِ في الدِّلالةِ، وتَخصيصِ عامِّها بخاصِّها، وحَملِ مُطلَقِها على مُقيَّدِها، واعتِبارِ مَفهومِها كما يُعتبَرُ مَنطوقُها، وأمَّا أنْ تَكونَ كنُصوصِه في وُجوبِ الاتِّباعِ وتَأثيمِ مَنْ أخَلَّ بشيءٍ منها فلا يُظَنُّ ذلكَ بمَن له نِسبةٌ ما إلى العِلمِ، فإذا كانَ حُكمُ الحاكِم لَيس كنَصِّ الشَّارعِ، بل يُرَدُّ ما خالَفَ حُكمَ اللهِ ورَسولِه مِنْ ذلكَ، فشَرطُ الواقفِ إذا كانَ كذلكَ كانَ أَولى بالردِّ والإبطالِ (٢).

وقالَ ابنُ القَيِّمِ قبلَ هذا الكَلامِ أيضًا: وجَعلتُم الوَفاءَ بشَرطِ الواقِفِ المُخالِفِ لمَقصودِ الشَّارعِ كتَركِ النكاحِ وكشَرطِ الصَّلاةِ في المَكانِ الذي شرَطَ فيهِ الصلاةَ وإنْ كانَ وحْدَه وإلى جانِبِه المَسجدُ الأعظَمُ وجَماعةُ المُسلمينَ، وقد ألغَى الشَّارعُ هذا الشَّرطَ في النَّذرِ الذي هو قُربةٌ مَحضةٌ وطاعَةٌ، فلا تَتعيَّنُ عِندَه بُقعةٌ عيَّنَها الناذِرُ للصلاةِ إلا المَساجدَ الثلاثةَ،


(١) «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٤٨، ٥٠).
(٢) «إعلام الموقعين» (٤/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>