للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الشافِعيةُ فقدْ اختَلَفوا في حُكمِ وَقفِ الإمامِ شيئًا مِنْ أرضِ بَيتِ المالِ على جِهاتِ الخيرِ أو على أولادِهم، فالصَّحيحُ مِنْ المَذهبِ عندَهُم أنه يَجوزُ الوَقفُ ولو على أولادِهِم.

وقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : واستَثنَى مِنْ اعتِبارِ المِلكِ وقْفَ الإمامِ شيئًا مِنْ أرضِ بَيتِ المالِ، فإنه يَصحُّ كما صَرَّحَ به القاضي حُسينٌ وإنْ تَوقَّفَ فيه السُّبكيُّ، سَواءٌ أكانَ على مُعيَّنٍ أم جِهةٍ عامَّةٍ، وأفتَى به المُصَنِّفُ وأَفتَى به أبو سَعيدٍ ابنُ أبي عَصرونَ للسُّلطانِ نورِ الدِّينِ الشَّهيدِ مُتَمسِّكًا بوَقفِ عُمرَ سَوادَ العِراقِ، ونقَلَه ابنُ الصَّلاحِ في فَوائدِ حُلَّتِه عن عَشرةٍ أو يَزيدونَ ثُمَّ وافَقَهُم على صِحَّتِه، ونقَلَ صاحِبُ «المَطْلَب» في بابِ قَسْمِ الفَيءِ والغَنيمةِ صِحَّتَه عن النَّصِّ، وفي «الشَّرح» و «الرَّوضَة» لو رَأَى الإمامُ وقْفَ أرضِ الغَنيمةِ كما فعَلَ عُمرُ جازَ إذا استَطابَ قُلوبَ الغانِمينَ في النُّزولِ عنها بعِوضٍ أو بغَيرِه (١).

وقالَ الرَّملِيُّ : يَصحُّ وَقفُ الإمامِ نحوَ أراضي بَيتِ المالِ على جِهةٍ ومُعيَّنٍ على المَنقولِ المَعمولِ به، بشَرطِ ظُهورِ المَصلحةِ في ذلكَ؛ إذْ تَصرُّفُه فيهِ مَنوطٌ بها كوَلِيِّ اليَتيمِ، ومِن ثَمَّ لو رَأى تَمليكَ ذلكَ لهم جازَ (٢).

وقالَ البَيجُوريُّ : يَصحُّ وَقفُ الإمامِ مِنْ بَيتِ المالِ ولو على أولادِه خِلافًا للجَلالِ السُّيوطِيِّ ومَن تَبِعَه (٣).


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٣، ٤٥٤).
(٢) «ابن عابدين» (٤/ ٣٩٧).
(٣) «حاشية البيجوري على شرح العلامة ابن قاسم الغزي» (٢/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>