للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المَرغِينانِيُّ في «الهِدايَة»: ولو وقَفَ في مَرضِ مَوتِه قالَ الطَّحاويُّ: هو بمَنزلةِ الوَصيةِ بعد المَوتِ، والصَّحيحُ أنه لا يَلزمُ عند أبي حَنيفةَ، وعندَهُما يَلزمُ، إلا أنه يُعتبَرُ مِنْ الثُّلثِ، والوَقفُ في الصِّحةِ مِنْ جَميعِ المالِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: الوَقفُ في الصِّحةِ مِنْ رأسِ المالِ، وفي المَرضِ أو الوَصِيةِ مِنْ الثُّلثِ؛ لأنَّ الصَّحيحَ لا يَتعلَّقُ عليه حَجرٌ لأحَدٍ في مالِه ولا الوارِثِ ولا غَيرِه، فكانَتْ عطاياهُ وهِباتُه مِنْ رأسِ المالِ، والمَريضُ مَحجورٌ عليه مِنْ أجلِ وَرثتِه، فما يَفعلُه مَوقوفٌ على الثُّلثِ بعد مَوتِه؛ لأنه ليس له أنْ يُخرِجَ عنهم زيادةً على الثُّلثِ بعدَ مَوتِه؛ لأنَّ ذلكَ تَقديرٌ ما جُعِلَ له، وإنَّما لم يُحكَمْ بتَنجيزِه مِنْ الثُّلثِ في الحالِ لجَوازِ أنْ يَتلفَ الثُّلثانِ الباقِيانِ ويَموتَ هو عَنْ هذا المِقدارِ فقط؛ لأنَّ الاعتِبارَ ما يَتركُه بعدَ المَوتِ لا قبلَهُ، فيُؤدِّي إلى أنْ تَكونَ الوَصايا قد نَفَذتْ قبلَ حُصولِ الثُّلثينِ للوَرثةِ، وذلكَ غَيرُ جائِزٍ، إلَّا أنْ يُجيزَ الوَرثةُ ما زادَ عن الثُّلثِ فيَجوزُ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: إذا أوقَفَ المَريضُ مرَضَ المَوتِ على أجنَبيٍّ صَحَّ في الثُّلثِ، وما زادَ على الثلثِ لا يَنفذُ إلَّا بإجازةِ الوَرثةِ بعد مَوتِه لا قبلَه (٣).


(١) «الهداية» (٣/ ١٤)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢١٠)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٤٧).
(٢) «المعونة» (٢/ ٤٩٢)، و «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٥/ ٤٩١).
(٣) «البيان» (٨/ ٩٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٣)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤١٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٥٥)، و «الديباج» (٢/ ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>