للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ - الوَقفُ على غَيرِ الوَرثةِ: نَصَّ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ على أنَّ المَريضَ مرَضَ المَوتِ إنْ أوقَفَ لغَيرِ وَرثتِه صَحَّ الوَقفُ، ولكنَّه كالوَصيةِ في حقِّ نُفوذِه مِنْ الثُّلثِ؛ لأنه تَبرعٌ، والتَّبرعُ مِنْ المَريضِ بمَنزلةِ الوَصيةِ المُضافةِ إلى ما بعد المَوتِ، فيُعتبَرُ مِنْ الثُّلثِ، إلا أنْ يُجيزَه الوَرثةُ بعدَ مَوتِه لا قبلَه، فيَصحُّ فيما زادَ عن الثُّلثِ.

قالَ الحَنفيةُ: الوَقفُ في مَرضِ المَوتِ لازِمٌ، ولكنَّه كالوَصيةِ في حقِّ نُفوذِه مِنْ الثُّلثِ، فإنْ ماتَ مِنْ غيرِ رُجوعٍ عنه يَنفذُ مِنْ الثُّلثِ، فإذا وقَفَ المَريضُ أرضَه أو دارَه في مَرضِ مَوتِه على الفُقراءِ والمَساكينِ فالوَقفُ جائِزٌ مِنْ الثلثِ؛ لأنه تَبرعٌ، والتَّبرعُ مِنْ المَريضِ بمَنزلةِ الوَصيةِ المُضافةِ إلى ما بعد المَوتِ، فيُعتبَرُ مِنْ الثلثِ، كما لو أَوصَى بأنْ تُوقَفَ أرضُه بعدَ وفاتِه، فإنه يُعتبَرُ مِنْ الثلثِ، كذا هاهُنا، وإِنْ لم تَخرجْ مِنْ الثلثِ بأنْ لم يَكنْ له مالٌ يُخرِجُ سِوى هذه الأرضَ يَجوزُ الوَقفُ في ثُلثِ الأرضِ ويَبطلُ في الثُّلثينِ، إلا أنْ يُجيزَ الوَرثةُ، وإنْ أجازَه البَعضُ ورَدَّه البَعضُ جازَ في حصَّةِ المُجيزِ وبطَلَ في حصَّةِ الرادِّ، إلا أنْ يَظهرَ له مالٌ آخَرُ يَخرجُ الوَقفُ مِنْ ثُلثِه، فحِينئذٍ يَلزمُ في الكُلِّ (١).


(١) «الإسعاف» ص (٣٥، ٣٦)، و «المحيط البرهاني» (٦/ ٤٤)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢١١، ٢١٢)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٥٩٥)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٩٦، ٣٩٧)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٢/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>