المَساكينِ، فصارَ كما لو ذكَرَهم، ولأنَّ المَقصودَ منه هو التَّقربُ إلى اللهِ تعالى بهِ، وذلكَ يَحصلُ بجِهةٍ تَنقطِعُ كما يَحصلُ بجِهةٍ لا تَنقطعُ ثمَّ يَصيرُ بعدَها للفُقراءِ.
وقيلَ: إنَّ التَّأبيدَ شَرطٌ بالإجماعِ، إلا أنه عندَ أبي يُوسفَ لا يُشترطُ ذِكرُ التَّأبيدِ؛ لأنَّ لفْظَ الوَقفِ والصَّدقةِ يُنبِئُ عنه؛ لأنهُ إزالةُ المِلكِ بدونِ التَّمليكِ كالعِتقِ، وصارَ بعدَها للفُقراءِ وإنْ لم يُسمِّهمْ، وهذا هو الصَّحيحُ، وعندَ مُحمدٍ ذِكرُ التَّأبيدِ شَرطٌ؛ لأنَّ هذا صَدقةٌ بالمَنفعةِ أو الغلَّةِ، وذلكَ قد يَكونُ مُؤقَّتًا وقد يَكونُ مُؤبَّدًا، فمُطلَقُه لا يَنصرفُ إلى التَّأبيدِ، فلا بُدَّ مِنْ التَّنصيصِ عليه (١).
قُلتُ: فإذا مَضى ذلكَ اليومُ؟ قالَ: فهيَ وَقفٌ أبَدًا في ذلكَ اليومِ وبعدَه أبَدًا.
قُلتُ: أرَأيتَ إذا قالَ: أَرضِي هذهِ صَدقةٌ مَوقوفةٌ للهِ تعالى أبَدًا شَهرًا، فإذا مَضى ذلكَ الشَّهرُ فهيَ مُطلَقةٌ؟ قالَ: الوَقفُ باطِلٌ لا يَجوزُ.
(١) «شرح فتح القدير» (٦/ ٢١٣)، و «العناية شرح الهداية» (٨/ ٣٣١، ٣٣٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٠١)، و «اللباب» (١/ ٦٢١)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٠٤، ٢١٢)، و «ابن عابدين» (٤/ ١٤١).