للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنفيةُ: ألفاظُ الوَقفِ سِتَّةٌ «وَقفْتُ، وحبَّسْتُ، وسَبَّلْتُ، وتصَدَّقْتُ، وأبَّدْتُ، وحَرَّمتُ»، فالثَّلاثةُ الأُولى صَريحٌ فيه، وباقيهِ كِنايةٌ لا يَصحُّ إلا بالنِّيةِ (١).

وقالَ الطَّرابلسِيُّ الحَنفيُّ : (فرُكنُه) لَفظُ الوَقفِ وما في مَعناهُ، كقَولِهِ: «صَدقةٌ مُحرَّمةٌ، أو صَدقةٌ مُحبَّسةٌ، أو صَدقةٌ مُؤبَّدةٌ، أو صَدقةٌ لا تُباعُ ولا تُوهبُ ولا تُورثُ، أو صَدقةٌ مَوقوفةٌ» (٢).

وقالَ المالِكيةُ: لَفظُ الصَّدقةِ لا يُفيدُ التَّأبيدَ إلا إذا قارَنَه قَيدٌ نحوُ «لا يُباعُ ولا يُوهَبُ» أو «هو صَدقةٌ عليهِ وعلى عَقبِه»، أو كانَ على مُعيَّنٍ أو جِهةٍ لا تَنقطعُ كقَولِه: «تَصدَّقتُ على الفُقراءِ والمَساكينِ، أو على المَساجدِ، أو على طَلبةِ العِلمِ» وما أشبَهَ ذلكَ إذا قارَنَه قَيدٌ أيضًا، كقَولِه: «لا يُباعُ ولا يُوهَبُ»، وإلا كانَ مِلكًا للمَوقوفِ عليهِ يُباعُ ويُفرَّقُ ثَمنُه بالاجتِهادِ.

وكذلكَ يَصحُّ الوَقفُ ويَتأبَّدُ إذا وقَعَ لمَجهولٍ مَحصورٍ ك: «على فُلانٍ وعَقبِه، أو على بَنِيهِ، أو على نَسلِه، أو على ذُرِّيتِه»، ولا يَحتاجُ إلى مُقارَنةِ قَيدٍ؛ لأنَّ ذِكرَ العَقبِ قَيدٌ لأجْلِ حقِّ مَنْ يَأتي بعدُ، وأمَّا لمَجهولٍ غيرِ مَحصورٍ كالفُقراءِ والمَساكينِ فلا بُدَّ مِنْ القَيدِ كما مَرَّ، والمُرادُ بالمَحصورِ مَنْ يُحاطُ بأفرادِه، وبغَيرِهِ مَنْ لا يُحاطُ بأفرادِه.


(١) «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٠٢).
(٢) «الإسعاف» ص (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>