للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ السُّيوطيُّ : الوَقفُ الصَّحيحُ الذي قطَعَ به الجُمهورُ أنَّ «وقَفْتُ وحبَّسْتُ وسبَّلْتُ» صَرائحُ، وقيلَ: كِناياتٌ، وقِيل: «وقَفْتُ» فقط صَريحٌ، وقيلَ: هو و «حبَّستُ» (١).

٣ - «وسبَّلتُ»: ذهبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الصَّحيحِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ لفْظَ «سَبَّلْتُ» مِنْ الألفاظَ الصَّريحةِ، وقد تقدَّمَ كلامُ الحَنفيةِ والشافِعيةِ، وأمَّا المالِكيةُ فلمْ أَقِفْ لهُم على قَولٍ في لَفظِ التَّسبيلِ.

وقالَ الحَنابلةُ: يَحصلُ الوَقفُ بقَولٍ رِوايةً واحِدةً، وصَريحُه: «وقَفْتُ، وحَبَّسْتُ، وسَبَّلْتُ»، فمَن أتَى بكَلمةٍ مِنْ هذه الثَّلاثِ صَحَّ الوَقفُ؛ لعَدمِ احتِمالِ غَيرِه بعُرفِ الاستِعمالِ بينَ الناسِ المُنضَمِّ إليهِ عُرفُ الشَّرعِ؛ لأنَّ النبيِّ قالَ: «إنْ شِئْتَ حبَّسْتَ أصْلَها وسبَّلْتَ ثَمَرتَها»، فصارَتْ هذه الألفاظُ في الوَقفِ كلَفظِ التَّطليقِ في الطلاقِ.

وإضافةُ التَّحبيسِ إلى الأصلِ والتَّسبيلِ إلى الثَّمرةِ لا يَقتضِي المُغايَرةَ في المَعنى؛ فإنَّ الثَّمرةَ مُحبَّسةٌ أيضًا على ما شُرِطَ صَرفُها إليهِ، فلو قالَ مالكٌ: «أحبَسْتُ ثَمرةَ نَخلٍ على الفُقراءِ» كانَ ذلكَ وَقفًا لازِمًا باتِّفاقِ مَنْ يرَى أنَّ التَّحبيسَ صَريحٌ في الوَقفِ.

قالَ المِرداويُّ : وأمَّا «سَبَّلْتُ» فصَريحةٌ على الصَّحيحِ مِنْ المذهبِ وعليهِ الأصحابُ.


(١) «الأشباه والنظائر» ص (٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>