إلا إذا بنَى مَسجِدًا في المَواتِ قاصِدًا به ذلكَ فإنه يَصيرُ مَسجدًا، ويَقومُ الفِعلُ معَ النِّيةِ مَقامَ اللَّفظِ، ويَزولُ مِلكُه عن الآلةِ بعدَ استِقرارِها في مَوضعِها، وعُلِمَ مِنْ هذا أنه لو بَنى مَسجِدًا وأَذِنَ في الصلاةِ فيهِ لم يَصِرْ مَسجِدًا، وكذا لو أَذِنَ في الدَّفنِ في مِلكِهِ لم يَصرْ مَقبرةً.
وإذا رَأَيْنا مَسجِدًا يُصلِّي الناسُ فيه فيَستَمرُّ حُكمُه ولا يُغيَّرُ؛ لأنه في أيدِي المُسمَّينَ لذلكَ.
هذا كلُّهُ في الناطقِ، أمَّا الأخرسُ فيَصحُّ بإشارتِه المُفهِمةِ كغيرِه مِنْ التَّبرعاتِ، وأمَّا الكاتِبُ فيَصحُّ بكِتابتِه مع النِّيةِ.
ثمَّ لَفظُ الواقفِ يَنقسمُ إلى صَريحٍ وكِنايةٍ، فصَريحُه ما اشتُقَّ مِنْ لَفظِ الوَقفِ نحوُ:«وَقفْتُ كذا على كذا، أو أرضِي أو أملاكِي مَوقوفةٌ أو وَقفٌ عليهِ»؛ لأنه لا يَصلحُ في عُرفِ اللُّغةِ إلا لذلكَ.
والتَّحبيسُ والتَّسبيلُ وما اشتُقَّ مِنهما ك:«أملاكِي حَبسٌ عليه» صَريحانِ على الصَّحيحِ فيهِما؛ لكَثرةِ استِعمالِهما واشتِهارِهما شَرعًا وعُرفًا، ففي حَديثِ عُمرَ ﵁:«حَبِّس الأصلَ وسبِّلِ الثَّمرةَ»، ولا يَصلحانِ في عُرفِ اللُّغةِ إلا لذلكَ.
قالَ المُتَولِّي: وما نُقلَ عن الصَّحابةِ وَقفٌ إلا بهما.