للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهُما: أنه لا يتأبَّدُ، ويُصرَفُ أوَّلًا في الوَجهِ الذي جعَلَه فيه، فإذا زالَ عادَ مِلكًا له إنْ كانَ باقِيًا، أو لوَرثتِه إنْ كانَ مَيتًا.

والأُخرى: أنه يَتأبَّدُ، فيُصرَفُ أوَّلًا في الوَجهِ الذي جعَلَه فيهِ، فإذا انقَرضَ عادَ حَبسًا إلى أقرَبِ الناسِ بالمُحبَّسِ عليهِ، فإنْ لم يَكنْ له قَرابةٌ عادَ إلى الفُقراءِ والمَساكينِ، فأمَّا إنِ انضَمَّ إلى لَفظِ الحَبسِ في المَعنيَينِ بَعضُ ألفاظِ التَّأبيدِ مثلُ أنْ يقولَ: «حَبسٌ، أو وَقفٌ، أو مُحرَّمٌ، أو مُؤبَّدٌ، أو لا تُباعُ ولا تُوهَبُ» أو جعَلَ إطلاقَ لَفظِه في مَجهولينَ أو مَوصوفينَ ك: الفُقراءِ والعُلماءِ أو بَني تَميمٍ أو فُلانٍ وعَقبِه أو على وَلَدي وعَقبِهم» ولم يُعيِّنْ ولا ذكَرَ مَرجِعًا فلا يَختلفُ المَذهبُ في هذَينِ الوَجهينِ أنهُما يُفيدانِ التَّأبيدَ والتَّحريمَ (١).

وقالَ الشافِعيةُ في المَذهبِ: لا يَصحُّ الوَقفُ مِنْ الناطِقِ الذي لا يُحسِنُ الكتابةَ إلا بلَفظٍ يُشعِرُ بالمُرادِ كالعِتقِ؛ لأنه تَمليكٌ للعَينِ والمَنفعةِ أو المَنفعةِ، فأشبَهَ سائرَ التَّمليكاتِ، ويُخالِفُ البَيعَ حيثُ انعَقدَ بالمُعاطاةِ على وَجهٍ؛ لأنَّ البَيعَ كانَ في الجاهِليةِ والشَّرعُ ورَدَ بإباحتِه فجرَى عليهِ، والوَقفُ لم يُعهَدْ، فاتُّبعَ فيهِ ما ورَدَ به الشرعُ.


(١) يُنظَر: «المعونة» (٢/ ٤٨٧، ٤٨٨)، و «المختصر الفقهي» (١٣/ ٤٠، ٤١)، و «الذخيرة» (٦/ ٣١٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٦٩)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٨٧)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٧١)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٨، ٨٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>