للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخَرُ: يَضمَنُ؛ لأنَّه فرَّط، حيثُ إنَّه اقتصَرَ على بيِّنةٍ مُختَلَفٍ فيها، وإنْ كانَ بمَحضَرِ المُوكِّلِ وأشهَدَ، لَم يَضمَنْ، وإنْ لَم يُشهِدْ ففيه وَجهانِ:

أحَدُهما: لا يَضمَنُ؛ لأنَّ المُفَرِّطَ هو المُوكِّلُ؛ فإنَّه حضَر وترَك الإشهادَ.

والآخَرُ: أنَّه يَضمَنُ؛ لأنَّ تَرْكَ الإشهادِ يُثْبِتُ الضَّمانَ، فلا يَسقُطُ حُكمُه بحُضورِ المُوكِّلِ، كما لو أتلَفَ مالَه وهو حاضِرٌ (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: ولو أمَرَه أنْ يَدفعَ إلى رَجُلٍ مالًا فادَّعى أنَّه دفَعه إليه لَم يُقبَلْ قَولُه على الآمِرِ إلَّا ببيِّنةٍ.

وَجُملَتُه أنَّ الرَّجلَ إذا وكَّل وَكيلًا في قَضاءِ دَيْنِه ودفَع إليه مالًا لِيَدفعَه إليه، فادَّعى الوَكيلُ قَضاءَ الدَّيْنِ ودَفْعَ المالِ إلى الغَريمِ، لَم يُقبَلْ قَولُه على الغَريمِ إلَّا ببيِّنةٍ؛ لأنَّه ليسَ بأمينِه، فلَمْ يُقبَلْ قوله عليه في الدَّفعِ إليه، كما لو ادَّعى المُوكِّلُ ذلك؛ فإذا حلَف الغَريمُ فله مُطالَبةُ المُوكِّلِ؛ لأنَّ ذِمَّتَه لا تُبرَأُ بدَفْعِ المالِ إلى وَكيلِه.

فَإذا دفَعه فهَلْ لِلمُوكِّلِ الرُّجوعُ على وَكيلِه؟ يُنظَرُ؛ فإنْ كانَ قَضاه بغيرِ بيِّنةٍ فلِلمُوكِّلِ الرُّجوعُ عليه إذا قَضاه في غَيبَتِه، قالَ القاضي: سَواءٌ صدَّقه أو كذَّبه، وهذا قَولُ الشَّافِعيِّ؛ لأنَّه إذْنٌ في القَضاءِ، يَبرَأُ به، ولَم يُوجَدْ.


(١) «المهذب» (١/ ٣٥٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٣٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٢٢، ٢٢٣)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٧١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٧١)، و «الديباج» (٢/ ٣٣٠)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>