وعن أحمدَ ﵀: لا يَرجِعُ عليه بشَيءٍ إلَّا أنْ يَكونَ أمَرَه بالإشهادِ، فلَمْ يَفعَلْ، فعلى هذه الرِّوايةِ إنْ صدَّقه المُوكِّلُ في الدَّفعِ لَم يَرجِعْ عليه بشَيءٍ، وإنْ كذَّبه فالقَولُ قَولُ الوَكيلِ مَع يَمينِه، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ، ووَجْهٌ لِأصحابِ الشَّافِعيِّ؛ لأنَّه ادَّعى فِعْلَ ما أمَرَه به مُوكِّلُهُ، فكانَ القَولُ قوله لو أمَرَه ببَيعِ ثَوبِه فادَّعى بَيعَه.
وَوَجهُ الأوَل أنَّه مُفرِّطٌ بتَرْكِ الإشهادِ، فضَمِن، كما لو فرَّط في البَيعِ بدُونِ ثَمَنِ المِثلِ.
فَإنْ قيلَ: فلِمَ يَأمُرُه بالإشهادِ؟ قُلْنا: إطلاقُ الأمْرِ بالقَضاءِ يَقتَضي ذلك؛ لأنَّه لا يَثبُتُ إلَّا به، فيَصيرُ كَأمْرِه بالبَيعِ والشِّراءِ، يَقتَضي ذلك العُرفُ، لا العُمومُ، كذا ههُنا.
وَقياسُ القَولِ الآخَرِ يُمكِنُ القَولُ بمُوجِبِه، وأنَّ قوله مَقبولٌ في القَضاءِ، وإنَّما لَزِمَه الضَّمانُ لِتَفريطِه، لا لِرَدِّ قَوله، وعلى هذا لو كانَ القَضاءُ بحَضرةِ المُوكِّلِ لَم يَضمَنِ الوَكيلُ؛ لأنَّ تَرْكَه الِاحتياطَ والإشهادَ رِضًا مِنه بما فعَلَ وَكِيلُه، وكَذلك لو أَذِنَ له في القَضاءِ بغيرِ إشهادٍ، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ صَريحَ قَوله يُقَدَّمُ على ما تَقتَضيه دِلالةُ الحالِ، وكَذلك إنْ أشهَدَ على القَضاءِ عُدُولًا، فماتوا، أو غابوا، فلا ضَمانَ عليه؛ لِعدمِ تَفريطِه، وإنْ أشهَدَ مَنْ يُختَلَفُ في ثُبوتِ الحَقِّ بشَهادَتِه، كَشاهِدٍ واحِدٍ، أو رَجُلٍ وامرَأتَيْنِ، فهَل يَبرَأُ مِنْ الضَّمانِ، يُخَرَّج على رِوايَتَيْنِ، فإنِ اختَلفَ الوَكيلُ والمُوكِّلُ، فقالَ: قَضَيتُ الدَّيْنَ بحَضرَتِكَ، فأنكَرَ المُوكِّلُ ذلك، أو قالَ: أذِنتَ لي في قَضائِه