وفي قَولٍ عندَهم كما في الفَتاوَى: إذا وكَّل رَجُلًا وفوَّض إليه الأمْرَ فوكَّل الوَكيلُ رَجُلًا، صَحَّ تَوكيلُه، وله عَزلُه، أمَّا لو قالَ له المُوكِّلُ: وكِّلْ فُلانًا، فوكَّله الوَكيلُ، لا يَملِكُ عَزلَه إلَّا برِضا المُوكِّلِ الأوَل.
وقالَ زُفَرُ: لا يَجوزُ؛ لأنَّ التَّوكيلَ ما صَحَّ، فصارَ كما إذا عقَد بغَيبَتِه.
وَهَكذا كلُّ عَقدِ مُعاوَضةٍ، وما ليسَ بمُعاوَضةٍ، كالنِّكاحِ والطَّلاقِ والعِتقِ، لا يَجوزُ بإجازَتِه حتى لو وكَّله بالطَّلاقِ أو بالعِتقِ، ولَم يَأذَنْ له، فوكَّل الوَكيلُ غيرَه بذلك، فطَلَّق الوَكيلُ الثَّاني، أو أعتَقَ بحَضرةِ الوَكيلِ الأوَل، لا يَقَعُ الطَّلاقُ والعِتقُ؛ لأنَّ تَوكيلَه لِلأوَل كالشَّرطِ، فكَأنَّه علَّق الطَّلاقَ بتَطليقٍ الأوَل، فلا يَقَعُ بدُونِ الشَّرطِ؛ لأنَّ الطَّلاقَ والعِتقَ يَتعلَّقانِ بالشَّرطِ، بخِلافِ البَيعِ ونحوِه؛ فإنَّه مِنْ الإثباتاتِ، فلا يَحتَمِلُ التَّعليقَ بالشَّرطِ.
وإنْ عقَد بغيرِ حَضرَتِه فأجازَه الوَكيلُ الأوَّلُ جازَ؛ لِنُفوذِه برَأْيِه، إنَّما ذلك في البَيعِ، أمَّا لو اشترَى فالشِّراءُ يُنفَّذُ على الوَكيلِ.
وفي «الهِدايةِ»: إذا عقَد في حالِ غَيبَتِه لَم يَجُزْ -وَهو قَولُ زُفَرَ، كما تَقدَّم-؛ لأنَّه فاتَه رَأْيُه، إلَّا أنْ يُبَلِّغَه فيُجيزَه، وكذا لو باعَ غيرُ الوَكيلِ، فأجازَه، جازَ؛ لأنَّه حضَره برَأْيِه (١).
(١) «العناية» (١١/ ١٩٠، ١٩١)، و «الاختيار» (٣/ ١٩٥، ١٩٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٨٨، ٤٨٩)، و «اللباب» (١/ ٥٦٠، ٥٦١)، و «مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر» (٣/ ٣٣٠)، و «الهندية» (٣/ ٥٦٦).