للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الثَّانيةُ: ألَّا يُحسِنَ عَملَ ما وُكِّلَ فيه، ولا يَعرِفَ صُنعَه، كَرَجُلٍ وُكِّلَ في نَسْجِ ثَوبٍ وهو لا يُحسِنُ النَّسجَ، أو في صِياغةِ حُلِيٍّ، فيَجوزُ له أنْ يُوكِّلَ ويَستَنيبَ في عَملِه، ويَكونَ معنَى تَوكيلِه فيه -وهو لا يُحسِنُ الصَّنعةَ- استِنابَتَه في تَوكيلِ مَنْ يُحسِنُها عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ كما سبَق.

الصُّورةُ الثَّالثةُ: أنْ يَكونَ العَملُ الذي وُكِّلَ فيه كَثيرًا، لا يَستَطيعُ أنْ يَقومَ به بمُفرَدِه؛ لِعَجزِه، كَرَجُلٍ وُكِّلَ في نَقلِ حُمولةٍ أو في عِمارةِ ضَيعةٍ، فاختَلفَ الفُقهاءُ هَلْ يَجوزُ له التَّوكيلُ مُطلَقًا أو فيما عَجزَ عنه فيه:

فَذهَب المالِكيَّةُ والشَّافِعيَّةُ في المَذهبِ والقاضي مِنْ الحَنابِلةِ إلى أنَّه يَجوزُ له أنْ يُوكِّلَ فيه مَنْ يَعمَلُ مَعه ما لَم يُنْهَ عنه صَريحًا؛ لأنَّ الضَّرورةَ دَعَتْ إليه فيما لا يُمكِنُ، بخِلافِ المُمكِنِ. إلَّا أنَّ المالِكيَّةَ قالوا: يُوكِّلُ مَنْ يُشارِكُه في الكَثيرِ الذي وُكِّلَ فيه لِيُعِينَه عليه، لا أنْ يُوكِّلَ غيرَه استِقلالًا (١).

وذهَب الحَنابِلةُ في المَذهبِ والشَّافِعيَّةُ في قَولٍ إلى جَوازِ التَّوكيلِ في العَملِ كلِّه؛ لأنَّ الوَكالةَ اقتَضَتْ جَوازَ التَّوكيلِ، فصَحَّ التَّوكيلُ في فِعلِ العَملِ كلِّه، كما لو أَذِنَ في التَّوكيلِ بلَفْظِه (٢).


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٧٠)، وباقي المصادر السابقة.
(٢) «مغني المحتاج» (٣/ ٢٠٧)، و «المغني» (٥/ ٥٦، ٥٧)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٠٩، ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>