للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنَ أبي طالِبٍ وكَّل عَقيلًا عندَ أبي بَكرٍ، فلمَّا أُسِرَ عَقيلٌ وكَّل عَبدَ اللَّهِ بنَ جَعفَرٍ، فخاصَمَ عَبدُ اللَّهِ بنُ جَعفَرٍ طَلحةَ في صَغيرةٍ أحدَثَها علِيٌّ عندَ عُثمانَ، وأقَرَّ عُثمانُ بذلك، فصارَ ذلك إجماعًا، وقالَ النَّبيُّ لِعَبدِ الرَّحمَنِ بنِ سَهلٍ الأنصاريِّ لمَّا خاصَمَ إليه في دَمِ أخيه عَبدِ اللَّهِ بنِ سَهلٍ، الذي وُجِدَ مَقتولًا بخَيبَرَ بمَحضَرٍ مِنْ عَمَّيْه حُوَيِّصةَ ومُحَيِّصةَ: كَبِّرْ كَبِّرْ -يُريدُ وَل الكَلامَ في ذلك الكَبيرَ-، فتَكَلَّمَ حُوَيِّصةُ ثم مَحَيِّصةُ، وكانَ الوارِثُ عَبدَ اللَّهِ بنَ سَهلٍ دونَهما، فكانا وَكيلَيْنِ، وأمَّا إذا وكَّل وَكيلًا غائِبًا على طَلَبِ حَقِّه؛ فإنَّ ذلك يَفتَقِرُ إلى قَبولِ الوَكيلِ لِلوَكالةِ عندَ الفُقهاءِ، وإذا كانَتِ الوَكالةُ مُفتَقِرةً إلى قَبولِ الوَكيلِ، فحُكمُ الغائِبِ والحاضِرِ فيها سَواءٌ، فإنْ قيلَ: فأينَ القَبولُ في حَديثِ أبي هُرَيرةَ؟ قيلَ: عَملُهم بأمْرِ النَّبيِّ مِنْ تَوفِيةِ صاحِبِ الحَقِّ حَقَّه، قَبولٌ مِنهم لِأمْرِه (١).

وقالَ الكاسانيُّ : لا خِلافَ في أنَّه يَجوزُ التَّوكيلُ بالخُصومةِ في إثباتِ الدَّيْنِ والعَينِ وسائِرِ الحُقوقِ برِضا الخَصمِ، حتى يَلزَمَ الخَصمَ جَوابُ التَّوكيلِ.

والأصلُ فيه ما رُوِيَ عن عَبدِ اللَّهِ بنِ جَعفَرٍ «أنَّ سَيِّدَنا عَلِيًّا كانَ لا يَحضُرُ الخُصومةَ، وكانَ يَقولُ: إنَّ لها لُحَمًا يَحضُرُها الشَّياطينُ، فجعَل الخُصومةَ إلى عَقيلٍ ، فلمَّا كَبِرَ ورَقَّ حَولها إلَيَّ، وكانَ عَلِيٌّ يَقولُ: ما قُضِي لِوَكيلي فلي، وما قُضِيَ على وَكيلي فعَلَيَّ».


(١) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٦/ ٤٣٩، ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>