للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّاهِدِ والغائِبِ جائِزةٌ، وكَتَبَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَمْرٍو إلى قَهرَمانِه وهو غائِبٌ عنه أنْ يُزَكِّي عن أهلِه الصَّغيرِ والكَبيرِ.

حدَّثنا أبو نُعَيمٍ حدَّثنا سُفيانُ عن سَلَمةَ بن كُهَيلٍ عن أبي سَلَمةَ عن أبي هُريرةَ قالَ: كانَ لِرَجُلٍ على النَّبيِّ سِنٌّ مِنْ الإبِلِ، فجاءَه يَتقاضاه، فقالَ: أعطُوه. فطَلَبوا سِنَه فلَمْ يَجِدوا له إلَّا سَنًّا فَوقَها، فقالَ: أعطُوه. فقالَ: أوفَيْتَني أوْفَى اللَّهُ بِكَ. قالَ النَّبيُّ : «إنَّ خيارَكم أحسَنُكُم قَضاءً» (١).

قالَ ابنُ بَطَّالٍ : هذا الحَديثُ حُجَّةٌ على أبي حَنيفةَ في قَوله: لا يَجوزُ تَوكيلُ الحاضِرِ بالبَلَدِ، الصَّحيحِ البَدَنِ، إلَّا برِضًا مِنْ خَصْمِه، أو عُذْرِ مَرَضٍ أو سَفَرِ ثَلاثةِ أيَّامٍ، وهذا الحَديثُ خِلافُ قَوله؛ لأنَّ النَّبيَّ أمَرَ أصحابَه أنْ يَقْضُوا عنه السِّنَّ التي كانَتْ عليه، وذلك تَوكيلٌ مِنه لهم على ذلك. ولَم يَكُنْ غائِبًا ولا مَريضًا ولا مُسافِرًا، وعامَّةُ الفُقهاءِ يُجيزونَ تَوكيلَ الحاضِرِ الصَّحيحِ البَدَنِ، وإنْ لَم يَرْضَ خَصْمُه بذلك، على ما دَلَّ عليه هذا الحَديثُ، وهذا قَولُ ابنِ أبي لَيلَى ومالِكٍ وأبي يُوسفَ ومُحمَّدٍ والشَّافِعيِّ، إلَّا أنَّ مالِكًا قالَ: يَجوزُ ذلك، وإنْ لَم يَرضَ خَصْمُه إذا لَم يَكُنِ الوَكيلُ عَدُوًّا لِلخَصمِ. وقالَ سائِرُهم: يَجوزُ ذلك، وإنْ كانَ الوَكيلُ عَدُوًّا لِلخَصمِ.

وقالَ الطَّحاويُّ : اتَّفقَ الصَّحابةُ على جَوازِ ذلك، فرُوِيَ أنَّ علِيَّ


(١) «صحيح البخاري» (٢/ ٨٠٩) ح (٢١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>