للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعلى الأصَحِّ في عَودَتِه وَكيلًا بعدَ العَزلِ وَجهانِ بِناءً على تَعليقِ الوَكالةِ؛ لأنَّه علَّق الوَكالةَ الثَّانيةَ على العَزلِ.

أصَحُّهُما: عَدمُ العَودِ؛ لأنَّ الأصَحَّ فَسادُ التَّعليقِ، لكنْ يَنفُذُ تَصرُّفُه؛ لِلإذْنِ، وطَريقُه في أنَّه لا يَنفُذُ تَصرُّفُه أنْ يُكرِّرَ عَزلَه، فيَقولَ: عَزَلتُكَ عَزَلتُكَ، فإنْ كانَ التَّعليقُ ب «كلَّما» تَكرَّر العَودُ بتَكَرُّرِ العَزلِ، ويَنفُذُ تَصرُّفُه، وطَريقُ ألَّا يَنفُذَ تَصرُّفُه أنْ يُوكِّلَ غيرَه في عَزلِه؛ لأنَّ المُعلَّقَ عليه عَزْلُ نَفْسِه، إلَّا إنْ كانَ قَدْ قالَ: إنْ عَزَلتُكَ أو عَزَلكَ أحَدٌ عَنِّي فلا يَكفي التَّوكيلُ بالعَزلِ، بَلْ يَتعيَّنُ أنْ يَقولَ: كلَّما عُدتَ وَكيلي، فأنتَ مَعزولٌ، فيَمتَنِعُ تَصرُّفُه.

فَإنْ قيلَ: إذا كانَ تَصرُّفُه نافِذًا مَع فَسادِ الوَكالةِ، فما فائِدةُ صِحَّتِها؟

أُجيبَ بأنَّ الفائِدةَ في ذلك استِقرارُ الجُعلِ المُسمَّى، إنْ كانَ بخِلافِ الفاسِدةِ؛ فإنَّه يَسقُطُ ويَجِبُ أُجرةُ المِثلِ، كما أنَّ الشَّرطَ الفاسِدَ في النِّكاحِ يُفسِدُ الصَّداقَ المُسمَّى، ويُوجِبُ مَهرَ المِثلِ، وإنْ لَم يُؤثِّرْ في النِّكاحِ.

والآخَرُ -وهو مُقابِلُ الأصَحِّ-: تَعودُ الوَكالةُ مَرَّةً واحِدةً.

وَمَحَلُّ الخِلافِ: إذا عزَله وعلِم بعَزلِه، أو قُلنا: إنَّه يَنعزِلُ قبلَ أنْ يَعلَمَ، وإلَّا فهو باقٍ على وَكالَتِه الأُولَى.

وَيَجري الوَجهانِ في تَعليقِ الوَكالةِ في تَعليقِ العَزلِ، كقولِه: إذا طَلَعَتِ الشَّمسُ فأنتَ مَعزولٌ: أصحُّهُما: عَدمُ صِحَّتِه، فلا يَنعزِلُ بطُلوعِها، ومَع عَدمِ العَزلِ يُمنَعُ مِنْ التَّصرُّفِ. وقيلَ: لا يُمنَعُ مِنْ التَّصرُّفِ (١).


(١) «نهاية المطلب» (٧/ ٣٦)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٥/ ٢٢١، ٢٢٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٤٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٠٢، ٢٠٣)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٠، ٤١)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٥٣)، و «الديباج» (٢/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>