عَقدُ الوَكالةِ، وبَيانُ الوَكيلِ حتى يَقتَرِنَ به على الفَوْرِ (١).
وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: ولا تَصحُّ الوَكالةُ إلَّا في تَصرُّفٍ مَعلومٍ؛ فإنْ قالَ: وَكَّلتُكَ في كلِّ شَيءٍ، أو في كلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ، أو في كلِّ تَصرُّفٍ يَجوزُ لي، أو في كلِّ ما ليَ التَصرُّفُ فيه، لَم يَصحَّ؛ لأنَّه يَدخُلُ فيه كلُّ شَيءٍ مِنْ هِبةِ مالِه، وطَلاقِ نِسائِه، وإعتاقِ أرِقَّائِه، وتَزوُّجِ نِساءٍ كَثيراتٍ، ويَلزَمُه المُهورُ الكَثيرةُ، ويَعظُمُ الغَرَرُ والضَّرَرُ، ولأنَّ التَّوكيلَ لا بدَّ أنْ يَكونَ في تَصرُّفٍ مَعلومٍ.
قالوا: تَصحُّ الوَكالةُ في بَيعِ مالِ المُوكِّلِ كلِّه؛ لأنَّه يَعرِفُ مالَه، فلا غَرَرَ، أو في بَيعِ ما شاءَ الوَكيلُ مِنْ مالِ المُوكِّلِ؛ لأنَّه إذا جازَ التَّوكيلُ في الجَميعِ، ففي بعضِه أَوْلَى، وله بَيعُ مالِه كلِّه في ظاهِرِ كَلامِهم.
وكذا تَصحُّ الوَكالةُ في طَلاقِ جَميعِ نِسائِه، أو ما شاءَ مِنهُنَّ، أو عِتْقِ جَميعِ عَبيدِه، أو مَنْ شاءَ مِنهم.
وَتَصحُّ الوَكالةُ في المُطالَبةِ بحُقوقِ المُوكِّلِ كلِّها، أو ما شاءَ مِنها، وفي الإبراءِ مِنها كلِّها، أو ما شاءَ مِنها.
ولا يَصحُّ التَّوكيلُ في عَقدٍ فاسِدٍ، كَشِراءِ شَيءٍ بلا رُؤيةٍ، ولَم يَأذَنْ فيه الشَّرعُ، بَلْ حَرَّمَه؛ فلَمْ يَصحَّ، ولا يَملِكُ العَقدَ الصَّحيحَ ممَّا وكَّله بهِ؛ كَإجرائِه عَقدَ التَّزويجِ بوَليٍّ، وشِرائِه الشَّيءَ بعدَ الرُّؤيةِ، فلَمْ يَصحَّ، لِمُخالَفَتِه اشتِراطَ المُوكِّلِ. فإذا وكَّله في بَيعٍ فاسِدٍ، فباعَ بَيعًا صَحيحًا، لَم