ولا يَصحُّ التَّوكيلُ إنْ قالَ المُوكِّلُ لِوَكيلِه: اشتَرِ ما شِئتَ، أو اشتَرِ عَبدًا بما شِئتَ؛ لأنَّ ما يُمكِنُ شِراؤُه والشِّراءُ به يَكثُرُ، فيَكثُرُ فيه الغَرَرُ حتى يُبيِّنَ لِلوَكيلِ نَوعًا وقَدْرَ ثَمَنٍ يُشترَى بهِ؛ لأنَّ الغَرَرَ لا يَنتَفي إلَّا بذِكرِ الشَّيئَيْنِ. ما لَم يَكُنْ مِقدارُ ثَمَنِه مَعلومًا بينَ النَّاسِ، كَمَكِيلٍ ومَوزونٍ؛ لأنَّه لا غَرَرَ فيه ولا ضَرَرَ.
وإنْ قالَ لِوَكيلِه: اشتَرِ كذا وكذا، لا يَصحُّ التَّوكيلُ؛ لِلجَهالةِ.
ومِثلُ قَوله: وَكَّلتُكَ في كلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ، لو قالَ لِوَكيلِه: اشتَرِ لي ما شِئتَ، كما مِنْ المَتاعِ الفُلانيِّ، لَم يَصحَّ؛ لأنَّه قَدْ يَشتَري ما لا يَقدِرُ على ثَمَنِه.
وقيلَ: تَصحُّ الوَكالةُ في كلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ مِنْ بَيعِ مالِه، وقَبْضِ دُيونِه وإبراءِ غُرَمائِه، ويُؤيِّدُه قَولُ أبي بَكرٍ أحمدَ بنِ مُحمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ بنِ عَبدِ العَزيزِ المَرُّوذِيِّ: بَعَثَني أبو عَبدِ اللَّهِ في حاجةٍ، وقالَ: كلُّ شَيءٍ تَقُولُه على لِساني فأنا قُلتُهُ؛ لِمَا علِم الإمامُ مِنْ أمانةِ المَرُّوذِيِّ وعَدالَتِه ووَرَعِه وفَضلِه وزُهدِه؛ فإنَّه كانَ يَأنَسُ به ويَنبَسِطُ إليه، وهو الذي تَوَلَّى إغماضَه لمَّا ماتَ، وغَسَّلَه، فلِذلك أقامَه مَقامَ نَفْسِه. قالَ الخَلَّالُ: خرَج أبو بَكرِ المَرُّوذِيُّ إلى الغَزوِ، فشيَّعَه النَّاسُ إلى سامُرَّاءَ، فجعَل يَرُدُّهم، فلا يَرجِعونَ، حَزَروا، فإذا هُمْ بسامُرَّاءَ -سِوَى مَنْ رجَع- خَمسونَ ألْفَ إنسانٍ، فقيلَ له يا أبا بَكرٍ: أحمَدُ