مالي؛ لأنَّ جِنسَ ما يَشتَريه بمالِه لا يَصيرُ مَعلومًا، فبطَلتِ الوَكالةُ فيه.
وهَكذا لو قالَ: اشتَرِ لي بهذا الألْفِ ما رَأيتَ مِنْ العُروضِ، أو ما عَلِمْتَ فيه حَظًّا مِنْ الإبراءِ، كانَتِ الوَكالةُ فيه باطِلةً، إلَّا أنْ يَكونَ مَقصودُه طَلبَ الرِّبحِ دونَ التَّمليكِ. فيَجوزُ، كالمُضارِباتِ، فإنْ قيلَ: أليسَ لو دفَع في المُضارَبةِ مالًا يَشتَري به العامِلُ ما رَأى فيه صَلاحًا جازَ؟ فهَلَّا جازَ مِثلُه في الوَكالةِ؟ قيلَ: الفَرقُ بينَهما أنَّ المَقصودَ في المُضارَبةِ طَلَبُ الرِّبحِ، فلا يُؤثِّرُ فيه اختِلافُ الأجناسِ، فكانَ المَقصودُ مَعلومًا، فصَحَّ.
والمَقصودُ في الوَكالةِ تَملُّكُكَ العَينَ المُشتَراةَ، وإطلاقُ ذلك مَع اختِلافِ الأجناسِ لا يَجعَلُ المَقصودَ مِنها مَعلومًا، فبطَل، فعلى هذه الأُصولِ يَكونُ جَوابُ ما تَضمَّنه المُوكِّلُ، فاعتبَرَه بها، يَتقَرَّرُ لِكُلِّ الحُكمِ فيه، فعلى هذا لو قالَ له: قَدْ وَكَّلتُكَ في شِراءِ عَبدٍ، لَم يَصحَّ حتى يَصِفَه بما يَتميَّزُ لِلوَكيلِ مُرادُه في العَبدِ مِنْ ذِكرِ جِنسِه ونَوعِه، ولا يَحتاجُ إلى ذِكْرِ صِفَتِه المُستَحقَّةِ في السَّلَمِ؛ لأنَّه يُضيِّقُ على النَّاسِ، فلَو قالَ له: قَدْ وَكَّلتُكَ في شِراءِ مَنْ رَأيتَ مِنْ العَبيدِ، أو في شِراءِ ما رَأيتَ مِنْ الخَيلِ، لَم يَجُزْ، لِاختِلافِ العَبيدِ والخَيلِ، وجَهلِ الوَكيلِ بالمَقصودِ مِنها، وهَكذا لو قالَ: بِعْ مَنْ رَأيتَ مِنْ عَبيدي، أو بِعْ ما رَأيتَ مِنْ خَيْلي، لَم يَجُزْ، سَواءٌ أذكَر العَدَدَ أم لَم يَذكُرْ، حتى يَتميَّزَ المَبيعُ والمُشترَى مِنْ غيرِهما، بصِفةٍ أو إشارةٍ، وقالَ بعضُ أصحابِنا: يَجوزُ أنْ يُوكِّلَه في شِراءِ عَبدٍ أو ثَوبٍ، وإنْ لَم يُشِرْ إلى صِفاتِه، اعتِمادًا على رَأْيِ وَكيلِه المُوكَّلِ، ولا يَجوزُ على المَذهبِ الأوَل