للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا القِسمُ الأوَّلُ: وهو العامُّ في الأحوالِ كلِّها، فصُورَتُه أنْ يَقولَ: قَدْ وَكَّلتُكَ في كلِّ شَيءٍ، أو قَدْ وَكَّلتُكَ بكُلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ، أو قَدْ وَكَّلتُكَ في فِعلِ ما رَأيتَه صَلاحًا في مالي. فهذه وَكالةٌ باطِلةٌ؛ لِلجَهلِ بها، ولِمُضادَّةِ الِاحتِمالِ فيها؛ لأنَّه قَدْ يَحتَمِلُ التَّوكيلَ في حِفظِ القَليلِ والكَثيرِ، ويُحتمَلُ بَيعُ القَليلِ والكَثيرِ، وهُما ضِدَّانِ مُتَبايِنانِ، فبطَلتِ الوَكالةُ مِنْ أجْلِه.

وأمَّا القِسمُ الثَّاني: وهو الخاصُّ في حالٍ بعَينِها، فصُورَتُه أنْ يَقولَ: قَدْ وَكَّلتُكَ في بَيعِ هذا العَبدِ، أو في شِراءِ هذه الدَّارِ، أو في اقتِضاءِ هذا الدَّيْنِ، أو في تَثبيتِ هذه الوَصيَّةِ، أو في مُخاصَمةِ هذا المُدَّعِي، فتَصحُّ الوَكالةُ خُصوصًا في المَأْذونِ فيه دونَ غيرِه، وهذا ما وَافَقَ عليه أبو حَنيفةَ، وإنْ خالَفَ في الوَصيَّةِ؛ فإنَّ أبا حَنيفةَ يَجعَلُ الوَصِيَّ في شَيءٍ وَصيًّا في كلِّ شَيءٍ، ولا يَجعَلُ الوَكيلَ في شَيءٍ وَكيلًا في كلِّ شَيءٍ، وعندَ الشَّافِعيِّ أنَّهما سَواءٌ، في أنَّ عَملَهما مَقصورٌ على المَأْذونِ فيه، دونَ غيرِه.

وأمَّا القِسمُ الثَّالثُ: وهو العامُّ مِنْ وَجهٍ الخاصُّ مِنْ وَجهٍ، فعلى ضَربَيْنِ:

أحَدُهما: أنْ يَكونَ خُصوصُه بجَعلِ العُمومِ مَعلومًا؛ فتَصحُّ فيه الوَكالةُ، كقولِه: قَدْ وَكَّلتُكَ في بَيعِ كلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ مِنْ مالي؛ لأنَّ تَخصيصَ البَيعِ قَدْ جعَل المُرادَ بعُمومِ مالِه مَعلومًا.

والضَّربُ الآخَرُ: ألَّا يَصيرَ العُمومُ بما ذكَره مِنْ التَّخصيصِ مَعلومًا، فالوَكالةُ فيه باطِلةٌ، كقولِه: قَدْ وَكَّلتُكَ في شِرَاءِ ما رَأيتَ بكُلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>