وذهَب الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَصحُّ التَّوكيلُ العامُّ.
قالَ الشَّافِعيَّةُ: يُشترَطُ أنْ يَكونَ المُوكَّلُ فيه مَعلومًا مِنْ بعضِ الوُجوهِ، حيثُ يَقِلُّ مَعه الغَرَرُ، سَواءٌ أكانَتِ الوَكالةُ عامَّةً أم خاصَّةً، ولا يُشترَطُ عِلمُه مِنْ كلِّ وَجهٍ؛ لأنَّ تَجويزَ الوَكالةِ لِلحاجةِ يَقتَضي المُسامَحةَ فيه، فيَكفي أنْ يَكونَ مَعلومًا مِنْ وَجهٍ يَقِلُّ مَعه الغَرَرُ لِلوَكيلِ، بخِلافِ ما إذا كَثُرَ.
فَلَو قالَ: وَكَّلتُكَ في كلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ لي، أو مِنْ أُموري، أو في كلِّ أُموري، أو فَوَّضتُ إلَيكَ كلَّ شَيءٍ، أو أنتَ وَكيلي؛ فتَصَرَفْ كَيفَ شِئتَ، أو نحوَ ذلك، لَم يَصحَّ التَّوكيلُ؛ لأنَّه يَدخُلُ فيه ما يُطيقُ وما لا يُطيقُ، فيَعظُمُ الضَّرَرُ، ويَكثُرُ فيه الغَرَرُ.
قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ ﵀: تَنبيهٌ: قَضيةُ كَلامِهم عَدمُ الصِّحَّةِ في ذلك، وإنْ كانَ تابِعًا لِمُعيَّنٍ، وهو كَذلك، وإنْ خالَفَ في ذلك بعضُ المُتَأخِّرينَ؛ إذ يَدخُلُ في هذا أُمورٌ لو عُرِضَ تَفصيلُها على المُوكِّلِ كَطَلاقِ زَوجاتِه وعِتقِ أرِقَّائِه والتَّصَدُّقِ بجَميعِ مالِه، لَاستَنكَرَه، وقَد مَنعَ الشَّارِعُ بَيعَ الغَرَرِ، وهو أخَفُّ خَطَرًا مِنْ هذا، وقَد عُلِمَ بذلك الفَرقُ بينَ هذا وبينَ ما مَرَّ، فيما يَصحُّ تَبَعًا.