للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قالَ: وَكَّلتُكَ في جَميعِ الأُمورِ التي يَجوزُ التَّوكيلُ فيها، فتَوكيلٌ عامٌّ، يَتناوَلُ البِياعاتِ والأنكِحةَ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: لا تَنعَقِدُ الوَكالةُ، وتَكونُ باطِلةً؛ إذا قالَ المُوكِّلُ لِوَكيلِه: وَكَّلتُكَ، أو فُلانٌ وَكيلي، بَلْ حتى يَقولَ: فَوَّضتُ إلَيكَ أُموري في كلِّ شَيءٍ، أو أقَمتُكَ مَقامي، أو نحوَ ذلك.

إذا وقَعتِ الوَكالةُ مُطلَقةً مُفَوَّضةً؛ فإنَّه يَمضي مِنْ فِعلِ الوَكيلِ ما كانَ على وَجْهِ السَّدادِ والنَّظرِ، وهو ما فيه تَنميةُ المالِ؛ إذِ الوَكيلُ إنَّما يَتصرَّفُ بما فيه الحَظُّ والمَصلَحةُ، وأمَّا الذي لا مَصلَحةَ في فِعلِه؛ فإنَّ الوَكيلَ مَعزولٌ عنه شَرعًا، فلا يَمضي فِعلُه فيه، ولا يَحِلُّ له الإقدامُ عليه ابتِداءً، إلَّا أنْ يَقولَ المُوكِّلُ لِلوَكيلِ: أمضَيتُ ما كانَ نَظَرًا، أي: صَوابًا، وما كانَ غيرَ نَظَرٍ؛ فإنَّ ذلك يَمضي، وليسَ لِلمُوكِّلِ رَدُّه وتَضمينُ الوَكيلِ.

والمُرادُ بغيرِ النَّظرِ: ما ليسَ بمَعصيةٍ؛ لأنَّ الوَكالةَ على المَعصيةِ باطِلةُ، وما ليس بتَبذيرٍ، كَأنْ يَبيعَ ما يُساوي مِئةً بخَمسينَ.

لكنْ يُستَثنَى أربَعةُ أشياءَ، فلا يَصحُّ له التَصرُّفُ فيها إلَّا أنْ يَنُصَّ له عليها، وهي طَلاقُ زَوجَتِه، وإنكاحُ بِكْرِه، وبَيعُ دارِ سُكناه، وعَبدِه، فهذا مُستَثْنًى؛ فإنَّ فِعلَه لا يَمضي فيها، ولو قالَ له: وَكَّلتُكَ وَكالَةً مُفَوَّضةً، وأمضَيتُ فِعلكَ النَّظرَ، وغيرَ النَّظرِ، فلا يَمضي شَيءٌ مِنْ هذه الأربَعةِ إلَّا إذا نَصَّ المُوكِّلُ لِلوَكيلِ عليها بخُصوصِها (٢).


(١) «شرح فتح القدير» (٧/ ٥٠٠، ٥٠١).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٧، ٥٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٩٨، ١٩٩)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١٤٦، ١٤٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٨١، ٢٨٢)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٠، ٧١)، و «حاشية الصاوي» (٨/ ٧٠)، و «منح الجليل» (٦/ ٦٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>