للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنفيَّةُ: إذا قالَ: أنتَ وَكيلي في كلِّ شَيءٍ، أو قالَ: أنتَ وَكيلي بكُلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ، يَكونُ وَكِيلًا بحِفظِ ذلك الشَّيءِ، لا غيرُ، على الصَّحيحِ.

ولو قالَ: أنتَ وَكيلي، وفي كلِّ شَيءٍ أمرُكَ جائِزٌ، يَصيرُ وَكيلًا في جَميعِ التَصرُّفاتِ الماليةِ؛ كالبَيعِ والشِّراءِ وسائِرِ المُعاوَضاتِ.

قالَ في «الفَتاوَى الصُّغرَى»: لو زادَ: جائِزٌ أمرُكَ، فهو وَكيلٌ في الحِفظِ والبَيعِ والشِّراءِ وتَقاضي دُيونِه وحُقوقِه والهِبةِ والصَّدَقةِ، وغيرِ ذلك؛ لأنَّه فوَّض إليه التَصرُّفَ عامًّا، فصارَ كما لو قالَ: ما صَنَعتَ مِنْ شَيءٍ فهو جائِزٌ، ويَملِكُ جَميعَ أنواعِ التَصرُّفاتِ، حتى لو أنفَقَ على نَفْسِه جازَ؛ لأنَّه أجازَ صَنيعَه، وهذا مِنْ صَنيعِه، ثم قالَ: وهذا التَّعليلُ يَقتَضي أنَّه إذا طَلَّق امرَأتَه جازَ، فيُفتَى بهذا حتى يَتبيَّنَ خِلافُه. اه.

واختَلَفوا في الطَّلاقِ والعَتاقِ والوَقفِ والهِبةِ والصَّدَقةِ. فقيلَ: يَملِكُ ذلك لِإطلاقِ تَعميمِ اللَّفظِ.

وقيلَ: لا يَملِكُ ذلك إلَّا إذا دَلَّ دَليلُ سابِقةِ الكَلامِ، ونَحوُه، وهو قَولُ الإمامِ أبي حَنيفةَ، وعليه الفَتوَى، وكذا لو قالَ: طَلَّقتُ امرَأتَكَ ووَهَبتُ ووَقَفتُ أرضَكَ، في الأصَحِّ لا يَجوزُ.

والحاصِلُ أنَّ الوَكيلَ وَكالةً عامَّةً يَملِكُ كلَّ شَيءٍ إلَّا الطَّلاقَ والعَتاقَ والوَقفَ والهِبةَ والصَّدَقةَ على المُفتَى به، ويَنبَغي ألَّا يَملِكَ الإبراءَ والحَطَّ على المَديونِ؛ لأنَّهما مِنْ قَبيلِ التَبرُّعِ.

وَهَل له الإقراضُ والهِبةُ بشَرطِ العِوَضِ؛ فَأنَّهما بالنَّظرِ إلى الابتداءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>