تَبرُّعٌ؛ فإنَّ القَرضَ عاريةٌ ابتِداءً، مُعاوَضةٌ انتِهاءً، والهِبةُ بشَرطِ العِوَضِ هِبةٌ ابتِداءً، مُعاوَضةٌ انتِهاءً، قالَ ابنُ نُجَيْمٍ: ويَنبَغي ألَّا يَملِكَهُما الوَكيلُ بالتَّوكيلِ العامِّ؛ لأنَّه لا يَملِكُهُما إلَّا مَنْ يَملِكُ التَبرُّعاتِ، ولِذا لا يَجوزُ إقراضُ الوَصِيِّ مالَ اليَتيمِ، ولا هِبَتُه بشَرطِ العِوَضِ، وإنْ كانَتْ مُعاوَضةً في الِانتِهاءِ، وظاهِرُ العُمومِ أنَّه يَملِكُ قَبضَ الدَّيْنِ واقتِضاءَه وإيفاءَه، والدَّعوَى بحُقوقِ المُوكِّلِ، ويَمْلِكُ سَماعَ الدَّعوَى بحُقوقٍ على المُوكِّلِ، ويَمْلِكُ الإقراراتِ على المُوكِّلِ بالدُّيونِ، ولا يَختَصُّ بمَجلِسِ القاضي؛ لأنَّ ذلك في الوَكيلِ بالخُصومةِ، لا في العامِّ.
فَإنْ قُلتَ: لو وكَّله بصِيغةِ: وَكَّلتُكَ وَكالةً مُطلَقةً عامَّةً، فهَل يَتناوَلُ الطَّلاقَ والعَتاقَ والتَبرُّعاتِ؟ قُلتُ: لَم أَرَهُ صَريحًا، والظَّاهِرُ أنَّه لا يَملِكُها، على المُفتَى بهِ؛ لأنَّ مِنْ الألفاظِ ما صرَّح قاضيخانُ وغيرُه بأنَّه تَوكيلٌ عامٌّ، ومَع ذلك قالوا بعَدمِه. اه.
وفي فتاوَى الفَقيهِ أبي جَعفَرٍ ﵀: رَجُلٌ قالَ لِغيرِهِ: وَكَّلتُكَ في جَميعِ أُموري، وأقَمتُكَ مَقامَ نَفْسِي، لا تَكونُ الوَكالةُ عامَّةً، ولو قالَ: وَكَّلتُكَ في جَميعِ أُموري التي يَجوزُ بها التَّوكيلُ، كانَتِ الوَكالةُ عامَّةً، تَتَناوَلُ البِياعاتِ والأنكِحةَ، وفي الوَجهِ الأوَل إذا لَم تَكُنْ عامَّةً يُنظَرُ إنْ كانَ الرَّجلُ يَختلِفُ ليسَ له صِناعةٌ مَعروفةٌ، فالوَكالةُ باطِلةٌ، وإنْ كانَ الرَّجلُ تاجِرًا تِجارةً مَعروفةً تَنصَرِفُ إليها. اه (١).
(١) «البحر الرائق» (٧/ ١٣٩، ١٤٠)، و «غمز عيون البصائر» (٣/ ٢٥، ٢٦)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٥١٠، ٥١١)، و «درر الحكام» (٧/ ٣١٠، ٣١٤)، و «الهندية» (٣/ ٥٦٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute